تعود مكانة القدس عند العرب والمسلمين إلى ثلاث دلالات غاية في الأهمية يرتبط بعضها ببعض، الأولى، أنها مدينة الرسل والأنبياء، والثانية أنها المكان الذي أسري بالرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم إليه، ومنه كان معراجه والثالثة أنها قبلة المسلمين الأولى. هذه الدلالات جميعها تمنح القدس منزلة عربية وإسلامية رفيعة .
وإبراز مكانة القدس هذه لا يعني التقليل من أهمية أي مكان في فلسطين ولا فصلها عن باقي الوطن المحتل، فكل شبر من الأرض الفلسطينية مقدس، بل إنها تمثل رمزاً لقدسية الأرض والشعب وتجسيداً لهما. ولأن ما أصابها من تهويد يعادل ما أصاب الوطن الفلسطيني برمته. من هنا نرى أن القدس أكثر من مجرد مدينة مقدسة. إنها كينونة الأمة العربية والإسلامية ونواتها المركزية في آن معاً. وإذا كان بن غوريون قد اختزل فلسطين بكاملها بالهيكل فقط عندما قال: لا معنى لفلسطين بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل.
فإننا نقول: إن عروبة القدس وإسلاميتها رهن بعروبة فلسطين وإسلاميتها، وأي ضرر يلحق بالمحيط العربي والإسلامي، يهدد عروبة القدس وإسلاميتها، وتهدف هذه الدراسة إلى إيضاح مخاطر "النظام الشرق أوسطي" على العرب والمسلمين، وبالتالي على عروبة القدس، الأمر الذي يتطلب إطلالة سريعة على وضع مدينة القدس في التاريخ، ثم نستعرض جذور العلاقة بين الحركة الصهيونية والمشروع الاستعماري الغربي، وأخيراً تبين دلالات النظام الشرق أوسطي، الذي يروج له، كنظام إقليمي جديد في المنطقة والقوة الدافعة وراء إنشائه، ليكون مدخلاً لحل الصراع العربي الإسرائيلي .
والدراسة لا تهدف إلى إثبات عروبة القدس وإسلاميتها، فتلك حقيقة تدركها إسرائيل جيداً، وكذلك العالم الغربي الذي أوجدها، فمعرفة الحقيقة تدركها إسرائيل من احتلال فلسطين، وضم القدس إلى كيانها الصهيوني، ومحاولة تهويدها بشتى السبل، وعلى مرأى من العالم المتحضر بل إنها تقترف اليوم جريمة جديدة في حق العرب والمسلمين بمصادرتها مساحات واسعة من أراضي القدس، لإسكان المهاجرين اليهود فيها. وإنما تريد هذه الدراسة تبين المخاطر التي تلحق بالقدس وفلسطين والعرب والمسلمين. جراء وضع جديد يراد له أن ينشأ، ويقضي على الهوية العربية والإسلامية ومرتكزاتها، من خلال إدراج المنطقة في مفهوم سياسي غير واضح .
هجرة العموريون والكنعانيون إلى فلسطين :
خلال الألف الثالث قبل الميلاد هاجر إلى فلسطين العموريون (الأموريون) والكنعانيون، وكذلك اليبوسيون والفينقيون (وهما يعتبران من البطون الكنعانية)، وعلى ما يظهر فقد كانت هجرتهم إلى فلسطين حوالي 2500 ق.م، حيث استقر الكنعانيون في سهول فلسطين، وتركز العموريون في الجبال، واستقر اليبوسيون في القدس وما حولها وهم الذين أنشأوا مدينة القدس وأسموها "يبوس" ثم "أورسالم"، أما الفينيقيون فاستقروا في الساحل الشمالي لفلسطين وفي لبنان .
ويرى ثقات المؤرخين أن العموريين والكنعانيين واليبوسيين والفينيقيين قد خرجوا من جزيرة العرب وأن سواد أهل فلسطين الحاليين وخاصة القرويين هم من نسل تلك القبائل والشعوب القديمة أو من العرب والمسلمين الذين استقروا في البلاد إثر الفتح الإسلامي لها .
لقد كانت هجرة الكنعانيين واسعة في تلك الفترة بحيث أصبحوا السكان الأساسيين للبلاد، واسم أرض كنعان هو أقدم اسم عرفت به أرض فلسطين، وقد أنشأ الكنعانيون معظم مدن فلسطين، وكان عددها – حسب حدود فلسطين الحالية – لا يقل عن مائتي مدينة خلال الألف الثاني قبل الميلاد وقبل قدوم العبرانيين اليهود بمئات السنين. ومن المدن القديمة فضلاً عن أريحا والقدس مدن شكيم (بلاطة، نابلس) وبيسان وعسقلان وعكا وحيفا والخليل وأسدود وعاقر وبئر السبع وبيت لحم .
من هم العموريون :
العموريون (وهم الفلسطينيون الذين اسسوا القدس الأولى وتلاهم الكنعانيون)
تؤكد البحوث التاريخية أن القدس الأولى أسسها العموريون في الألف الثالث قبل الميلاد. وإن أول اسم ثابت لها، هو أوروسالم أو أوروشاليم .
وهذه الكلمة مكونة من مقطعين أورو وتعني "أسس" وسالم أو شالم وهو اسم إله، فيكون معنى أوروسالم، "أسسها سالم" وهو إسم عموري، كذلك فإن أول اسمين لأميرين تاريخيين من القدس هما –ياقر عمو وسز عمو – وهما اسمان عموريان .
ويرى بعض المؤرخين أن العموريين هم سكان كنعان الأصليون، واللغة العمورية هي الكنعانية. وقد انبثق الكنعانيون من العموريين ، كما تعني أرض الموريا، أرض العموريين أو الأموريين، وهي أحد مرتفعات القدس الوارد في سفر التكوين .
وتلا العموريين في سكني المدينة خلال النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد اليبوسيون، وهم بطن من الكنعانيين. فأطلق على أوروسالم اسم "يبوس". وهو الاسم الثاني لمدينة القدس الذي ظهر في التاريخ. وقد بنى اليبوسيون هيكلاً لإلههم شالم في مدينتهم، قبل هيكل العبرانيين بأكثر من ألف عام، وهم أول من جعل المدينة مقدسة، كما بنوا في يبوس قلعتها التي سموها قلعة صهيون. وصهيون كلمة كنعانية تعني مرتفع. ولذلك نجد الاسم يطلق على أكثر من مرتفع في سوريا القديمة .
وحوالي القرن العشرين قبل الميلاد، استوطن الكنعانيون – وهم قبائل عربية – السهول الساحلية، وبنوا المدن والقرى، واهتموا بتنمية ثقافتهم الخاصة
وإبراز مكانة القدس هذه لا يعني التقليل من أهمية أي مكان في فلسطين ولا فصلها عن باقي الوطن المحتل، فكل شبر من الأرض الفلسطينية مقدس، بل إنها تمثل رمزاً لقدسية الأرض والشعب وتجسيداً لهما. ولأن ما أصابها من تهويد يعادل ما أصاب الوطن الفلسطيني برمته. من هنا نرى أن القدس أكثر من مجرد مدينة مقدسة. إنها كينونة الأمة العربية والإسلامية ونواتها المركزية في آن معاً. وإذا كان بن غوريون قد اختزل فلسطين بكاملها بالهيكل فقط عندما قال: لا معنى لفلسطين بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل.
فإننا نقول: إن عروبة القدس وإسلاميتها رهن بعروبة فلسطين وإسلاميتها، وأي ضرر يلحق بالمحيط العربي والإسلامي، يهدد عروبة القدس وإسلاميتها، وتهدف هذه الدراسة إلى إيضاح مخاطر "النظام الشرق أوسطي" على العرب والمسلمين، وبالتالي على عروبة القدس، الأمر الذي يتطلب إطلالة سريعة على وضع مدينة القدس في التاريخ، ثم نستعرض جذور العلاقة بين الحركة الصهيونية والمشروع الاستعماري الغربي، وأخيراً تبين دلالات النظام الشرق أوسطي، الذي يروج له، كنظام إقليمي جديد في المنطقة والقوة الدافعة وراء إنشائه، ليكون مدخلاً لحل الصراع العربي الإسرائيلي .
والدراسة لا تهدف إلى إثبات عروبة القدس وإسلاميتها، فتلك حقيقة تدركها إسرائيل جيداً، وكذلك العالم الغربي الذي أوجدها، فمعرفة الحقيقة تدركها إسرائيل من احتلال فلسطين، وضم القدس إلى كيانها الصهيوني، ومحاولة تهويدها بشتى السبل، وعلى مرأى من العالم المتحضر بل إنها تقترف اليوم جريمة جديدة في حق العرب والمسلمين بمصادرتها مساحات واسعة من أراضي القدس، لإسكان المهاجرين اليهود فيها. وإنما تريد هذه الدراسة تبين المخاطر التي تلحق بالقدس وفلسطين والعرب والمسلمين. جراء وضع جديد يراد له أن ينشأ، ويقضي على الهوية العربية والإسلامية ومرتكزاتها، من خلال إدراج المنطقة في مفهوم سياسي غير واضح .
هجرة العموريون والكنعانيون إلى فلسطين :
خلال الألف الثالث قبل الميلاد هاجر إلى فلسطين العموريون (الأموريون) والكنعانيون، وكذلك اليبوسيون والفينقيون (وهما يعتبران من البطون الكنعانية)، وعلى ما يظهر فقد كانت هجرتهم إلى فلسطين حوالي 2500 ق.م، حيث استقر الكنعانيون في سهول فلسطين، وتركز العموريون في الجبال، واستقر اليبوسيون في القدس وما حولها وهم الذين أنشأوا مدينة القدس وأسموها "يبوس" ثم "أورسالم"، أما الفينيقيون فاستقروا في الساحل الشمالي لفلسطين وفي لبنان .
ويرى ثقات المؤرخين أن العموريين والكنعانيين واليبوسيين والفينيقيين قد خرجوا من جزيرة العرب وأن سواد أهل فلسطين الحاليين وخاصة القرويين هم من نسل تلك القبائل والشعوب القديمة أو من العرب والمسلمين الذين استقروا في البلاد إثر الفتح الإسلامي لها .
لقد كانت هجرة الكنعانيين واسعة في تلك الفترة بحيث أصبحوا السكان الأساسيين للبلاد، واسم أرض كنعان هو أقدم اسم عرفت به أرض فلسطين، وقد أنشأ الكنعانيون معظم مدن فلسطين، وكان عددها – حسب حدود فلسطين الحالية – لا يقل عن مائتي مدينة خلال الألف الثاني قبل الميلاد وقبل قدوم العبرانيين اليهود بمئات السنين. ومن المدن القديمة فضلاً عن أريحا والقدس مدن شكيم (بلاطة، نابلس) وبيسان وعسقلان وعكا وحيفا والخليل وأسدود وعاقر وبئر السبع وبيت لحم .
من هم العموريون :
العموريون (وهم الفلسطينيون الذين اسسوا القدس الأولى وتلاهم الكنعانيون)
تؤكد البحوث التاريخية أن القدس الأولى أسسها العموريون في الألف الثالث قبل الميلاد. وإن أول اسم ثابت لها، هو أوروسالم أو أوروشاليم .
وهذه الكلمة مكونة من مقطعين أورو وتعني "أسس" وسالم أو شالم وهو اسم إله، فيكون معنى أوروسالم، "أسسها سالم" وهو إسم عموري، كذلك فإن أول اسمين لأميرين تاريخيين من القدس هما –ياقر عمو وسز عمو – وهما اسمان عموريان .
ويرى بعض المؤرخين أن العموريين هم سكان كنعان الأصليون، واللغة العمورية هي الكنعانية. وقد انبثق الكنعانيون من العموريين ، كما تعني أرض الموريا، أرض العموريين أو الأموريين، وهي أحد مرتفعات القدس الوارد في سفر التكوين .
وتلا العموريين في سكني المدينة خلال النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد اليبوسيون، وهم بطن من الكنعانيين. فأطلق على أوروسالم اسم "يبوس". وهو الاسم الثاني لمدينة القدس الذي ظهر في التاريخ. وقد بنى اليبوسيون هيكلاً لإلههم شالم في مدينتهم، قبل هيكل العبرانيين بأكثر من ألف عام، وهم أول من جعل المدينة مقدسة، كما بنوا في يبوس قلعتها التي سموها قلعة صهيون. وصهيون كلمة كنعانية تعني مرتفع. ولذلك نجد الاسم يطلق على أكثر من مرتفع في سوريا القديمة .
وحوالي القرن العشرين قبل الميلاد، استوطن الكنعانيون – وهم قبائل عربية – السهول الساحلية، وبنوا المدن والقرى، واهتموا بتنمية ثقافتهم الخاصة
تعليق