إن الحياةالدنيا بصورتها العادية ، و مقوماتها ، و أبعادها المادية مجرد لهو أو لعب بلا هــدف ، فالأهداف الجديدة ترتبط جديتها بمدى ارتباطها بالحياة الآخرة ، و القضايا الغيبية .
[ و إن الدار الأخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ]و في الدار الآخرة تتوفر جميع مقومات الحياة من الخلود الأبدي ، و اللذات الجمة ، و الراحــة النفسية الممتزجة بالطمأنينة ، فيتخلص المؤمن من هموم الدنيا ، و مشاغل الحياة .
[ 65] [ فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ]تبين هذه الآية الحالات النفسية للانسان في بعض مواقفه الحياتية ، فحينما اضطر و احتاج إلى الله سبحانه ، أقر له بالحاكمية و السيادة ، و جعل له الولايةو السيطرة على الكون و الحياة ، و هو الذي كان يعارض الرسل ، و يكفر بالله بالآمس ، فما عدى مما بدى ؟!
و لكن ما أن تطأ قدماه ساحل الأمان ، و يبتعد عن الخطر ، و يستغني عن الضرورة ، حتى ينقلب على عقبيه ، و يكفر بالله ، و يشرك به في قدرته و سلطانه ، " فما لله لله ، و ما لقيصر لقيصر " ؟!
كما أن هذه الآية تبين حقيقة وجود الله ، و هيمنته على الكون ، فقد قال رجل للإمام الصادق (ع) : يا ابن رسول الله دلني على الله ما هو ؟ فقد أكثر علي المجادلون و حيروني فقال له : يا عبد الله هل ركبت سفينة قط ؟ قال نعم ، قال : فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ، ولا سباحة تغنيك ؟ قال : نعم ، قال : فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك ؟ قال : نعم ، قال الصادق (ع) : فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي ، و على الإغاثة حيث لا مغيث " (1)إذا أردت أن تعرف الله فاركب الأهوال ، و ستعرف الله حيث لا ينفعك مال ولا بنون ، و حينها ينفتح أمامك باب المعرفة الإلهية ، و ترى آثار رحمة الله .
[ 66] [ ليكفروا بما ءاتيناهم و ليتمتعوا فسوف يعلمون ]و لقد أنعم ربنا على الإنسان بنعمة العقل و الفطرة و البصيرة ، و لكن الانسان يترك عقله إلى جهله ، و بصيرته إلى عماه ، و فطرته النقية إلى شهواته الشائبة .
و التمتع مجرد اثارة عاجلة لأعصاب الانسان و شهواته ، و المشكلة في الانسان انه(1) بحار الأنوار / ج 2 / ص 41 .
يعتبر المتعة هدفه في الحياة ، و هذا الاعتقاد ناتج من الكفر بالقيم و الغيب و الروح ، و المتعة لا تتعدى بضع ثوان يشعر فيها الانسان بالسعادة الوهمية ، و لكن لا يعلم انه يحتطب على ظهره وزرا ، ولذا جاء في الدعاء : " اللهم إني أعوذ بك من ذنوب ذهبت لذاتها و بقيت تبعاتها " .
و سيعلم الكفار يوم القيامة فداحة الخطا الكبير ، حين فصلوا المتعة عن اطارها السليم ، و فرغوها من مضمونها الرفيع ، و جعلوها ممارسات حيوانية ، تهبط بالانسان إلى حضيض الرذيلة و الشقاء .
[ 67] [ أو لم يروا أنا جعلنا حرما ءامنا و يتخطف الناس من حولهم ]ميزة القرآن انه يستخرج أمثلة من واقع الحياة لا من وهم و خيال ، و لقد كانت الجزيرة العربية عبر التأريخ مسرحا واسعا للنهب و السلب ، و انتهاك الحقوق ، و تضييع الكرامات ، حيث أصبح الانسان لا يأمن على نفسه ، أو ماله ، أو عرضه ، و حتى دينه ، و كان شعارالعرب حينذاك السيف ، و دثارهم الخوف ، فمن الله عليهم بنعمة الأمان و الرخاء و الشبع ، و أنزل منهاجه لتنظيم العلاقات الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية على أسس العدل و الحرية والتكامل و غيرها من مبادىء الانسانية التي لا يختلف عليــها العقــلاء ، و لا تختــلف مع سمو تطلعات الإنسان و أهدافه .
[ افبالباطل يؤمنون و بنعمة الله يكفرون ]
فوا عجبا للانسان على جهله و كفره ، و هل هناك شيء أوضح من نعم الله على الانسان لكي يكفر بها ؟!
إن اتباع الهوى ، و السير وراء المصالح و الأهداف الشخصية ، تحول الباطل إلى حقيقة ، و الكفر بالنعم إلى واجب شرعي .
[ 68] [ و مــن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ]أكثر الناس ظلما لنفسه وللآخرين هو من ينبذ القيم الإلهية ، و يستبدلها بقيم بشــرية شيطانية ، و أخطر الكفار من أنكر القيم ، و افترى على الله الكذب في أحكامــه ، و لذا كان حد منكر الصلاة القتل شرعا ، فالذي يؤمن بالصلاة ولا يقوم بها قد توجد لديه قابليةالقيام بها في المستقبل ، أما الذي يكفر بها من الأساس ، و يضع لنفسه تشريعات مزاجية لا يجدي معه إلا حد السيف .
و يكمن الخطر في هذا الانسان حين يلبس الباطل أثواب الحق ، و يفيض على الباطل صبغة السمو و الالوهية ، و عادة ما تكون دوافع الكفر نفسية كالكبر ، أو الغرور ، أو ترسخ تقاليد الآباء في النفس ، و لكن هل يعتقد هؤلاء إن جهنم لا تكفيهم جميعا ؟! بلى .. إن بهامثوى للكافرين و المتكبرين منذ أن خلق ربنا آدم (ع) و إلى يوم القيامة ، و ليس ذلك على الله بعزيز .
[ 69] [ و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين ]و يقفز إلى واجهة التفكير سؤال : ماذا نعمل لكي لا تتبدل قيمنا ؟ و كيف نهتدي إلى السبيل القويم ؟
تجيب هذه الآية الكريمة بأن شرط الهداية هو الجهاد ، لأن الجهاد يبعد الانسان عن حب الذات والأنانيات المقيتة ، و عندما يكون الانسان مجاهدا ، فان أبوابالعلم و المعرفة ستكون مشرعة أمامه ، و ما عليه سوى الجد و الاجتهاد .
و الإحسان شرط رئيسي في المحافظة على القيم ، لأنه يبعد الانسان عن استغلال القيم لمصالحه الخاصة ، بل يوجهها نحو خدمة الناس .
[ و إن الدار الأخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ]و في الدار الآخرة تتوفر جميع مقومات الحياة من الخلود الأبدي ، و اللذات الجمة ، و الراحــة النفسية الممتزجة بالطمأنينة ، فيتخلص المؤمن من هموم الدنيا ، و مشاغل الحياة .
[ 65] [ فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ]تبين هذه الآية الحالات النفسية للانسان في بعض مواقفه الحياتية ، فحينما اضطر و احتاج إلى الله سبحانه ، أقر له بالحاكمية و السيادة ، و جعل له الولايةو السيطرة على الكون و الحياة ، و هو الذي كان يعارض الرسل ، و يكفر بالله بالآمس ، فما عدى مما بدى ؟!
و لكن ما أن تطأ قدماه ساحل الأمان ، و يبتعد عن الخطر ، و يستغني عن الضرورة ، حتى ينقلب على عقبيه ، و يكفر بالله ، و يشرك به في قدرته و سلطانه ، " فما لله لله ، و ما لقيصر لقيصر " ؟!
كما أن هذه الآية تبين حقيقة وجود الله ، و هيمنته على الكون ، فقد قال رجل للإمام الصادق (ع) : يا ابن رسول الله دلني على الله ما هو ؟ فقد أكثر علي المجادلون و حيروني فقال له : يا عبد الله هل ركبت سفينة قط ؟ قال نعم ، قال : فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ، ولا سباحة تغنيك ؟ قال : نعم ، قال : فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك ؟ قال : نعم ، قال الصادق (ع) : فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي ، و على الإغاثة حيث لا مغيث " (1)إذا أردت أن تعرف الله فاركب الأهوال ، و ستعرف الله حيث لا ينفعك مال ولا بنون ، و حينها ينفتح أمامك باب المعرفة الإلهية ، و ترى آثار رحمة الله .
[ 66] [ ليكفروا بما ءاتيناهم و ليتمتعوا فسوف يعلمون ]و لقد أنعم ربنا على الإنسان بنعمة العقل و الفطرة و البصيرة ، و لكن الانسان يترك عقله إلى جهله ، و بصيرته إلى عماه ، و فطرته النقية إلى شهواته الشائبة .
و التمتع مجرد اثارة عاجلة لأعصاب الانسان و شهواته ، و المشكلة في الانسان انه(1) بحار الأنوار / ج 2 / ص 41 .
يعتبر المتعة هدفه في الحياة ، و هذا الاعتقاد ناتج من الكفر بالقيم و الغيب و الروح ، و المتعة لا تتعدى بضع ثوان يشعر فيها الانسان بالسعادة الوهمية ، و لكن لا يعلم انه يحتطب على ظهره وزرا ، ولذا جاء في الدعاء : " اللهم إني أعوذ بك من ذنوب ذهبت لذاتها و بقيت تبعاتها " .
و سيعلم الكفار يوم القيامة فداحة الخطا الكبير ، حين فصلوا المتعة عن اطارها السليم ، و فرغوها من مضمونها الرفيع ، و جعلوها ممارسات حيوانية ، تهبط بالانسان إلى حضيض الرذيلة و الشقاء .
[ 67] [ أو لم يروا أنا جعلنا حرما ءامنا و يتخطف الناس من حولهم ]ميزة القرآن انه يستخرج أمثلة من واقع الحياة لا من وهم و خيال ، و لقد كانت الجزيرة العربية عبر التأريخ مسرحا واسعا للنهب و السلب ، و انتهاك الحقوق ، و تضييع الكرامات ، حيث أصبح الانسان لا يأمن على نفسه ، أو ماله ، أو عرضه ، و حتى دينه ، و كان شعارالعرب حينذاك السيف ، و دثارهم الخوف ، فمن الله عليهم بنعمة الأمان و الرخاء و الشبع ، و أنزل منهاجه لتنظيم العلاقات الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية على أسس العدل و الحرية والتكامل و غيرها من مبادىء الانسانية التي لا يختلف عليــها العقــلاء ، و لا تختــلف مع سمو تطلعات الإنسان و أهدافه .
[ افبالباطل يؤمنون و بنعمة الله يكفرون ]
فوا عجبا للانسان على جهله و كفره ، و هل هناك شيء أوضح من نعم الله على الانسان لكي يكفر بها ؟!
إن اتباع الهوى ، و السير وراء المصالح و الأهداف الشخصية ، تحول الباطل إلى حقيقة ، و الكفر بالنعم إلى واجب شرعي .
[ 68] [ و مــن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ]أكثر الناس ظلما لنفسه وللآخرين هو من ينبذ القيم الإلهية ، و يستبدلها بقيم بشــرية شيطانية ، و أخطر الكفار من أنكر القيم ، و افترى على الله الكذب في أحكامــه ، و لذا كان حد منكر الصلاة القتل شرعا ، فالذي يؤمن بالصلاة ولا يقوم بها قد توجد لديه قابليةالقيام بها في المستقبل ، أما الذي يكفر بها من الأساس ، و يضع لنفسه تشريعات مزاجية لا يجدي معه إلا حد السيف .
و يكمن الخطر في هذا الانسان حين يلبس الباطل أثواب الحق ، و يفيض على الباطل صبغة السمو و الالوهية ، و عادة ما تكون دوافع الكفر نفسية كالكبر ، أو الغرور ، أو ترسخ تقاليد الآباء في النفس ، و لكن هل يعتقد هؤلاء إن جهنم لا تكفيهم جميعا ؟! بلى .. إن بهامثوى للكافرين و المتكبرين منذ أن خلق ربنا آدم (ع) و إلى يوم القيامة ، و ليس ذلك على الله بعزيز .
[ 69] [ و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين ]و يقفز إلى واجهة التفكير سؤال : ماذا نعمل لكي لا تتبدل قيمنا ؟ و كيف نهتدي إلى السبيل القويم ؟
تجيب هذه الآية الكريمة بأن شرط الهداية هو الجهاد ، لأن الجهاد يبعد الانسان عن حب الذات والأنانيات المقيتة ، و عندما يكون الانسان مجاهدا ، فان أبوابالعلم و المعرفة ستكون مشرعة أمامه ، و ما عليه سوى الجد و الاجتهاد .
و الإحسان شرط رئيسي في المحافظة على القيم ، لأنه يبعد الانسان عن استغلال القيم لمصالحه الخاصة ، بل يوجهها نحو خدمة الناس .
تعليق