حمل معه ملابسه العسكرية وأدوات حلاقة ودفتر خطابات ، واستقل حافلة انطلقت به مسرعة لتتجاوز زحمة المدينة إلى طريق إسفلتي يتمدد كأفعى عبر السهول ، ألصق صفحة وجهه بزجاج النافذة وشرد حتى تساوى بياض عينيه بسوادهما " كاظم استشهد، محمد معتقل ونزار جريح ، رفاق أسرجوا نبض دمائهم للفداء وخاضوا معركة حق نحتت من جباههم المتعانقة في الخنادق قصصا يكبرون معها . وصل إلى معسكر التدريب التابع للمقاومةوهناك استكمل تدريباته على الأسلحة الخفيفة وطرق الاستطلاع والهجوم بالسلاح الأبيض والقنابل اليدوية.
ظلل عينيه براحة يده اتقاءً لسراب يساورهما من حرارة شمس صحراء بأفق ذئبي، وجلس يرقب خيط نمل تتجاذبه فتات طعام ، ويحرك بأطراف أنامله بساط رمل ناعم ملأ ثقوب جسده.فجأة لوّح يده بغضب " هذه أرضنا ، لن نتزحزح قيد ذراع ولن نتسامح قيد ذراع، ربما ننتهي لكن وطننا لن يموت ، سنطحن عظام الشهداء لنصنع منها سيوفا نحارب بها ".
شدّ سلاحه إلى صدره وخطا خطوات قصيرة نحو رفاقه ، جباههم أفطرت الشمس ، ظهورهم تتكىء على بعضها وصدورهم يركع في حضرتها السلاح . ودعهم وانطلق مع رفيقه لتنفيذ أول مهمة له.
وصلا إلى مغارة على أطراف المستعمرة وسارا في ممر ضيق داخلها ، وكان الضوء يزداد خفوتا والممر يزداد ضيقا حتى وصلا إلى نفق صغير عبراه زحفا إلى فسحة تسمح بالحركة. كانت الرطوبة تزداد حولهما ، أزالا حجرا من حائط المغارة فظهرت كوة صغيرة تكشف الضوء عن شجيرات خضراء تتدلى رؤوس أغصانها في الماء ،بحة موج عند قدمي الشاطىء، صخور تتدحرج على طرفي النهر وتحتها أكوام حشائش تتنفس بينها بعض زهور اخترقت الحصار. عبرا متسللين إلى حقول ذرة ربضا فيها حتى أطفئت أضواء الكشافات التي انطلقت تجوب المكان وتتقاطع يمنة ويسرة عابرة مساحات الحقول .
حين تسربل القمر بغبش مساء شرّع ناموس العتمة، قطعا بعض أغصان شجر شبكاها في جسديهما وتسللا باتجاه المستعمرة عبر قنافذ حديدية مشرعة الأسنانإلى حيث يرتكز جندي بكتفه على حائط غرفة حراسة تعلو مخزن ذخيرة ، وثب إلى ظهره وكمّم فاه براحته ثم أغرز مديته في عنقه ، فيما أنزل رفيقه الحقيبة عن ظهره وأخرج ألغاما ثبتها في أسفل الركيزة ثم ثبت الفتيل بالمتفجر، وابتعدا مسرعين إلى مكان آمن ثم أشعل رأس الفتيل.
دوى انفجار مروع وانتصب عمود دخان في السماء ، دماء تهرول على أجساد تتطاير في الفراغ ثم ترتطم بالأرض، تعلو صفارات الإنذار، وتنبت في السماء طائرة معلنة بداية القصف .
فجأة تتصلب ساقاه ويتلاشى شعوره بما حوله، يهرع إليه رفيقه " ما بك؟"
قال: يبدو أنني أصبت
رفيقه: سأحملك على ظهري
قال: "بل انسحب أنت وسأحمي ظهرك ، فقط أترك لي بعض القنابل اليدوية.
يحتضن ركبتيه بساعديه فيما كانت المسافة تضيق بينه وبين المتقدمين، يتشظى جسده حمما أبدلت مفهوم البراكين وتبكل دماؤه شقوق الأرض .
و ما زالت قوافل الشهداء تترى ، يرافقها حداء الأرض يغذّ خطاها نداء من سبق على ذاتالدرب ، وتعلو موجة العطاء ويزداد الحداء، .فلا القافلة تتوقف ولا الشهيد يندثر .
منقولة
رايكم فى فى هالوقت ذى هيك
ظلل عينيه براحة يده اتقاءً لسراب يساورهما من حرارة شمس صحراء بأفق ذئبي، وجلس يرقب خيط نمل تتجاذبه فتات طعام ، ويحرك بأطراف أنامله بساط رمل ناعم ملأ ثقوب جسده.فجأة لوّح يده بغضب " هذه أرضنا ، لن نتزحزح قيد ذراع ولن نتسامح قيد ذراع، ربما ننتهي لكن وطننا لن يموت ، سنطحن عظام الشهداء لنصنع منها سيوفا نحارب بها ".
شدّ سلاحه إلى صدره وخطا خطوات قصيرة نحو رفاقه ، جباههم أفطرت الشمس ، ظهورهم تتكىء على بعضها وصدورهم يركع في حضرتها السلاح . ودعهم وانطلق مع رفيقه لتنفيذ أول مهمة له.
وصلا إلى مغارة على أطراف المستعمرة وسارا في ممر ضيق داخلها ، وكان الضوء يزداد خفوتا والممر يزداد ضيقا حتى وصلا إلى نفق صغير عبراه زحفا إلى فسحة تسمح بالحركة. كانت الرطوبة تزداد حولهما ، أزالا حجرا من حائط المغارة فظهرت كوة صغيرة تكشف الضوء عن شجيرات خضراء تتدلى رؤوس أغصانها في الماء ،بحة موج عند قدمي الشاطىء، صخور تتدحرج على طرفي النهر وتحتها أكوام حشائش تتنفس بينها بعض زهور اخترقت الحصار. عبرا متسللين إلى حقول ذرة ربضا فيها حتى أطفئت أضواء الكشافات التي انطلقت تجوب المكان وتتقاطع يمنة ويسرة عابرة مساحات الحقول .
حين تسربل القمر بغبش مساء شرّع ناموس العتمة، قطعا بعض أغصان شجر شبكاها في جسديهما وتسللا باتجاه المستعمرة عبر قنافذ حديدية مشرعة الأسنانإلى حيث يرتكز جندي بكتفه على حائط غرفة حراسة تعلو مخزن ذخيرة ، وثب إلى ظهره وكمّم فاه براحته ثم أغرز مديته في عنقه ، فيما أنزل رفيقه الحقيبة عن ظهره وأخرج ألغاما ثبتها في أسفل الركيزة ثم ثبت الفتيل بالمتفجر، وابتعدا مسرعين إلى مكان آمن ثم أشعل رأس الفتيل.
دوى انفجار مروع وانتصب عمود دخان في السماء ، دماء تهرول على أجساد تتطاير في الفراغ ثم ترتطم بالأرض، تعلو صفارات الإنذار، وتنبت في السماء طائرة معلنة بداية القصف .
فجأة تتصلب ساقاه ويتلاشى شعوره بما حوله، يهرع إليه رفيقه " ما بك؟"
قال: يبدو أنني أصبت
رفيقه: سأحملك على ظهري
قال: "بل انسحب أنت وسأحمي ظهرك ، فقط أترك لي بعض القنابل اليدوية.
يحتضن ركبتيه بساعديه فيما كانت المسافة تضيق بينه وبين المتقدمين، يتشظى جسده حمما أبدلت مفهوم البراكين وتبكل دماؤه شقوق الأرض .
و ما زالت قوافل الشهداء تترى ، يرافقها حداء الأرض يغذّ خطاها نداء من سبق على ذاتالدرب ، وتعلو موجة العطاء ويزداد الحداء، .فلا القافلة تتوقف ولا الشهيد يندثر .
منقولة
رايكم فى فى هالوقت ذى هيك
تعليق