وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود
[وإذ جعلنا البيت] الكعبة [مثابة للناس] مرجعا يثوبون إليه من كل جانب [وأمنا] مأمنا لهم من الظلم والإغارات الواقعة في غيره ، كان الرجل يلقى قاتل أبيه فيه فلا يهيجه [واتخِذوا] أيها الناس [من مقام إبراهيم] هو الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت [مصلَّى] مكان صلاة بأن تصلوا خلفه ركعتي الطواف ، وفي قراءة بفتح الخاء خبر [وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل] أمرناهما [أن] أي بأن [طهرا بيتي] من الأوثان [للطائفين والعاكفين] المقيمين فيه [والركع السجود] جمع راكع وساجد المصلين
وإذ قال إبراهيم رب اجعل هـذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير
[وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا] المكان [بلداً آمناً] ذا أمن ، وقد أجاب الله دعاءه فجعله حرما لا يسفك فيه دم إنسان ولا يظلم فيه أحد ولا يصاد صيده ولا يختلى خلاه [وارزق أهله من الثمرات] وقد فعل بنقل الطائف من الشام إليه وكان أقفر لا زرع فيه ولا ماء [من آمن منهم بالله واليوم الآخر] بدل من أهله وخصهم بالدعاء لهم موافقة لقوله لا ينال عهدي الظالمين [قال] تعالى [و] أرزق [من كفر فأمتِّعه] بالتشديد والتخفيف في الدنيا بالرزق [قليلاً] مدة حياته [ثم أضطره] ألجِئه في الآخرة [إلى عذاب النار] فلا يجد عنها محيصا [وبئس المصير] المرجع هي
وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
[و] اذكر [إذ يرفع إبراهيم القواعد] الأسس أو الجدر [من البيت] يبنيه ، متعلق بيرفع [وإسماعيل] عطف على إبراهيم ، يقولان [ربنا تقبل منا] بناءنا [إنك أنت السميع] للقول [العليم] بالفعل
ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
[ربنا واجعلنا مسلمين] منقادين [لك و] اجعل [من ذريتنا] أولادنا [أمة] جماعة [مسلمة لك] ومن للتبعيض ، وأتى به لتقدم قوله لا ينال عهدي الظالمين [وأرنا] علمنا [مناسكنا] شرائع عبادتنا أو حجنا [وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم] سألاه التوبة مع عصمتهما تواضعاً وتعليماً لذريتهما
ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم
[ربنا وابعث فيهم] أي أهل البيت [رسولاً منهم] من أنفسهم ، وقد أجاب الله دعاءه بمحمد صلى الله عليه وسلم [يتلو عليهم آياتك] القرآن [ويعلمهم الكتاب] القرآن [والحكمة] أي ما فيه من الأحكام [ويزكيهم] يطهرهم من الشرك [إنك أنت العزيز] الغالب [الحكيم] في صنعه
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين
[ومن] أي لا [يرغب عن ملة إبراهيم] فيتركها [إلا من سفه نفسه] جهل أنها مخلوقة لله يجب عليها عبادته أو استخف بها وامتهنها [ولقد اصطفيناه] اخترناه [في الدنيا] بالرسالة والخلة [وإنه في الآخرة لمن الصالحين] الذين لهم الدرجات العلى
إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين
واذكر [إذ قال له ربه أسلم] انقد لله وأخلص له دينك [قال أسلمت لرب العالمين]
ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون
[ووصَّى] وفي قراءة أوصى [بها] بالملة [إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ] بنيه قال: [يا بني إن الله اصطفى لكم الدين] دين الإسلام [فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون] نهى عن ترك الإسلام وأمر بالثبات عليه إلى مصادفة الموت
أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلـهك وإلـه آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلـها واحدا ونحن له مسلمون
ولما قال اليهود للنبي ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية نزل: [أم كنتم شهداء] حضورا [إذ حضر يعقوبَ الموتُ إذ] بدل من إذ قبله [قال لبنيه ما تعبدون من بعدي] بعد موتي [قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق] عدُّ إسماعيلَ من الآباء تغليب ، ولأن العم بمنزلة الأب [إلها واحدا] بدل من إلهك [ونحن له مسلمون] وأم بمعنى همزة الإنكار أي لم تحضروه وقت موته فكيف تنسبون إليه ما لا يليق به
تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون
[تلك] مبتدأ والإشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبنيهما وأُنِّث لتأنيث خبره [أمة قد خلت] سلفت [لها ما كسبت] من العمل أي جزاؤه استئناف [ولكم] الخطاب لليهود [ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون] كما لا يسألون عن عملكم والجملة تأكيد لما قبلها
وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين
[وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا] أو للتفصيل وقائل الأول يهود المدينة والثاني نصارى نجران [قل] لهم [بل] نتبع [ملة إبراهيم حنيفا] حال من إبراهيم مائلاً عن الأديان كلها إلى الدين القيم (وما كان من المشركين
[وإذ جعلنا البيت] الكعبة [مثابة للناس] مرجعا يثوبون إليه من كل جانب [وأمنا] مأمنا لهم من الظلم والإغارات الواقعة في غيره ، كان الرجل يلقى قاتل أبيه فيه فلا يهيجه [واتخِذوا] أيها الناس [من مقام إبراهيم] هو الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت [مصلَّى] مكان صلاة بأن تصلوا خلفه ركعتي الطواف ، وفي قراءة بفتح الخاء خبر [وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل] أمرناهما [أن] أي بأن [طهرا بيتي] من الأوثان [للطائفين والعاكفين] المقيمين فيه [والركع السجود] جمع راكع وساجد المصلين
وإذ قال إبراهيم رب اجعل هـذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير
[وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا] المكان [بلداً آمناً] ذا أمن ، وقد أجاب الله دعاءه فجعله حرما لا يسفك فيه دم إنسان ولا يظلم فيه أحد ولا يصاد صيده ولا يختلى خلاه [وارزق أهله من الثمرات] وقد فعل بنقل الطائف من الشام إليه وكان أقفر لا زرع فيه ولا ماء [من آمن منهم بالله واليوم الآخر] بدل من أهله وخصهم بالدعاء لهم موافقة لقوله لا ينال عهدي الظالمين [قال] تعالى [و] أرزق [من كفر فأمتِّعه] بالتشديد والتخفيف في الدنيا بالرزق [قليلاً] مدة حياته [ثم أضطره] ألجِئه في الآخرة [إلى عذاب النار] فلا يجد عنها محيصا [وبئس المصير] المرجع هي
وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
[و] اذكر [إذ يرفع إبراهيم القواعد] الأسس أو الجدر [من البيت] يبنيه ، متعلق بيرفع [وإسماعيل] عطف على إبراهيم ، يقولان [ربنا تقبل منا] بناءنا [إنك أنت السميع] للقول [العليم] بالفعل
ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
[ربنا واجعلنا مسلمين] منقادين [لك و] اجعل [من ذريتنا] أولادنا [أمة] جماعة [مسلمة لك] ومن للتبعيض ، وأتى به لتقدم قوله لا ينال عهدي الظالمين [وأرنا] علمنا [مناسكنا] شرائع عبادتنا أو حجنا [وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم] سألاه التوبة مع عصمتهما تواضعاً وتعليماً لذريتهما
ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم
[ربنا وابعث فيهم] أي أهل البيت [رسولاً منهم] من أنفسهم ، وقد أجاب الله دعاءه بمحمد صلى الله عليه وسلم [يتلو عليهم آياتك] القرآن [ويعلمهم الكتاب] القرآن [والحكمة] أي ما فيه من الأحكام [ويزكيهم] يطهرهم من الشرك [إنك أنت العزيز] الغالب [الحكيم] في صنعه
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين
[ومن] أي لا [يرغب عن ملة إبراهيم] فيتركها [إلا من سفه نفسه] جهل أنها مخلوقة لله يجب عليها عبادته أو استخف بها وامتهنها [ولقد اصطفيناه] اخترناه [في الدنيا] بالرسالة والخلة [وإنه في الآخرة لمن الصالحين] الذين لهم الدرجات العلى
إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين
واذكر [إذ قال له ربه أسلم] انقد لله وأخلص له دينك [قال أسلمت لرب العالمين]
ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون
[ووصَّى] وفي قراءة أوصى [بها] بالملة [إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ] بنيه قال: [يا بني إن الله اصطفى لكم الدين] دين الإسلام [فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون] نهى عن ترك الإسلام وأمر بالثبات عليه إلى مصادفة الموت
أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلـهك وإلـه آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلـها واحدا ونحن له مسلمون
ولما قال اليهود للنبي ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية نزل: [أم كنتم شهداء] حضورا [إذ حضر يعقوبَ الموتُ إذ] بدل من إذ قبله [قال لبنيه ما تعبدون من بعدي] بعد موتي [قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق] عدُّ إسماعيلَ من الآباء تغليب ، ولأن العم بمنزلة الأب [إلها واحدا] بدل من إلهك [ونحن له مسلمون] وأم بمعنى همزة الإنكار أي لم تحضروه وقت موته فكيف تنسبون إليه ما لا يليق به
تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون
[تلك] مبتدأ والإشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبنيهما وأُنِّث لتأنيث خبره [أمة قد خلت] سلفت [لها ما كسبت] من العمل أي جزاؤه استئناف [ولكم] الخطاب لليهود [ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون] كما لا يسألون عن عملكم والجملة تأكيد لما قبلها
وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين
[وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا] أو للتفصيل وقائل الأول يهود المدينة والثاني نصارى نجران [قل] لهم [بل] نتبع [ملة إبراهيم حنيفا] حال من إبراهيم مائلاً عن الأديان كلها إلى الدين القيم (وما كان من المشركين
تعليق