...أنا؛ أُعتِّقُ رسائلي.. لكيّ لا يمُرَّ يومٌ دونَ أن أعرِفَ فيهِ طعمَ الثمالة. ورُبَّما لأنَّ الوقتَ السابِقَ لم ينضُج بَعد، أُحاوِلُ كُلَّ صباحٍ لمَّ شملِ بَعثرتي، فكأسُ القهوةِ.. نِصفٌ غادرني إليهِ .. ونِصفٌ ينتَظِرُني إليه!
......وُلِدتُ قبلَ قليلٍ .. ولم أُفارِق حتَّى الآنَ مَوسمي، ولم أعرف - لكي أستَتِر - ما هوَ مقاسُ خَيبَتي! مَررتُ على واحِدٍ وسِتوُنَ عاماً، ولمْ أعرِفِ المَوتْ. تعدَّدَ في خَوفي مرورَ ظِلِّ الشُهداءِ على وَجهي، يَعبُرونَ المسافةَ ما بيني وما بينَ الشمس، ولم أعلم حَتَّى الآنَ فُرصةَ مُروري!
......لمْ يُحفَرَ تاريخٌ واحِدٌ على جِلدي، لأنِّي لستُ موعوداً كما الشَجرَة بأنَّ أصحو بعدَ إغفاءٍ طَويل. ولِأنَّ جاري لمْ يستَيقِظ مُنذُ خيبةِ العُثمانيين على صوتِ الديك، فقد فقدتُ السيطَرةَ على نَهاري.. عِندما أصبحَ النهارُ ليلٌ، والليلُ.. ليلٌ مِن جَديد!
......قاسَمتُ عُمراً بالأرقامِ، لا أُنتَقَصُ.. ولا أزِيد؛ لا أعِرِفُ الطَريقَ إلى حُضنِ الوالِدة، ولا أعرِفُ ما مَضى.. لأرى المَسيحَ يُصلِّي بالأنبياءِ، وأُديرَ وجهي نحوَ اللهِ: (( أنِ اقطفني حيثُ زُرعتُ؛ حيثُ كُنتُ .. السَّجانَ والسَجين! )).
......لا لونُ التُرابِ يُشبِهُني.. لأنِّ عَربيٌّ، والتُرابُ لا يَرحَلُ ولا يَموت، ولي في الأرضِ بِضعٌ وعِشرونَ خَريفاً، بعضُها ذاكِرةُ أعجَميّ أضاعَ الطَريقَ إلى الهويةَ في الحَليل، فظنَّوهُ الناسُ غَريباً، لأنَّهُ لا يَحمِلُ وجهَ البَهجَةِ المُستعارة، ووثيِقَةُ تصريحٍ للهروب!
......ولي وسائِدي.. وخُيوطُ مَرثيَّةٍ لا تَمُتُّ لِجيل،
......ولي أولي.. وَليُّ أمري، يدُهُ تدُكُّ التُرابِ على قاعِ الغَرسِ؛ ويَدُ أُمِّي على جَبيني.
......وَلي صوتُ هَديرِ البَحرِ، لكِنَّ البَحرَ ليسَ لي.. لأنَّهُ غَدرَ بي.
......ولي تجارُبي، وأقلامي، وأحلامي.. وبعضٌ مِن ليالي الجارةِ السامِرة.. ولي إيماني، وسَبعُ سنابِلَ قِطافُ عِشرينَ عاماً،
......ولي أمراضي .. وطُفولتي؛ لكِنَّ لونَ التُرابِ في عَسقلانَ لا يُشبِهُني،
......لا يُشبِهُني!!
......مررتُ على ألفِ رَصيفٍ، كُلَُّها آمِنَة، لأنَّها تعرِفُ الطَريقَ إلى البيت، ولأأنَّها رافقتني في طفُولتي إلى المَدرسة. والبيتُ لهُ ألفُ نافِذةٍ غير آمِنَة.. لأنَّها لا تَعرِفُ الطَريقة إلى الأحلام، ولأنَّي في ليلةٍ نَظرتُ مِنها إلى القمر .. فرأيتُهُ مُؤطراً، لا يمتَلِكُ سبباً للبقاءِ في هذا الزيف!
......وفي البيتِ مُتسَعٌ لأسِرَةِ النومِ، ولِحبرِ الأقلامِ.. وليسَ لي هَودجٌ واحِدٌ مِن الذِكرى يَزُفُني إلى نومٍ هنيء.
......هي، ليست لي، ولا تَعرِفني، لأنَّها تعرِفُ عيونَ الواقفينِ على الزاويةِ في السوقِ المُزدَحِمة، ولأنَّها أضَاعَتْ حقائبي في السَفرِ إليها، ولأنِّي أنا لا أعرِفُ في أيِّ بحرٍ أضعتُ زورقي.
......ليسَ لي أصابِعَ تَقُودُني إلى راحِةِ يدِها لأرى العُبُورَ مِن خِلالي.. لأنَّ لونَ التُرابِ في عَسقلانَ لا يُشبِهُني ..
......لا يُشبِهُني..
......لا أُشبِهُ التُرابَ، لأنَّ البُذورَ تتشبَّهُ بي!
......هذا ما أعرِفُهُ ..
......وهَذا ليسَ لي!
......وُلِدتُ قبلَ قليلٍ .. ولم أُفارِق حتَّى الآنَ مَوسمي، ولم أعرف - لكي أستَتِر - ما هوَ مقاسُ خَيبَتي! مَررتُ على واحِدٍ وسِتوُنَ عاماً، ولمْ أعرِفِ المَوتْ. تعدَّدَ في خَوفي مرورَ ظِلِّ الشُهداءِ على وَجهي، يَعبُرونَ المسافةَ ما بيني وما بينَ الشمس، ولم أعلم حَتَّى الآنَ فُرصةَ مُروري!
......لمْ يُحفَرَ تاريخٌ واحِدٌ على جِلدي، لأنِّي لستُ موعوداً كما الشَجرَة بأنَّ أصحو بعدَ إغفاءٍ طَويل. ولِأنَّ جاري لمْ يستَيقِظ مُنذُ خيبةِ العُثمانيين على صوتِ الديك، فقد فقدتُ السيطَرةَ على نَهاري.. عِندما أصبحَ النهارُ ليلٌ، والليلُ.. ليلٌ مِن جَديد!
......قاسَمتُ عُمراً بالأرقامِ، لا أُنتَقَصُ.. ولا أزِيد؛ لا أعِرِفُ الطَريقَ إلى حُضنِ الوالِدة، ولا أعرِفُ ما مَضى.. لأرى المَسيحَ يُصلِّي بالأنبياءِ، وأُديرَ وجهي نحوَ اللهِ: (( أنِ اقطفني حيثُ زُرعتُ؛ حيثُ كُنتُ .. السَّجانَ والسَجين! )).
......لا لونُ التُرابِ يُشبِهُني.. لأنِّ عَربيٌّ، والتُرابُ لا يَرحَلُ ولا يَموت، ولي في الأرضِ بِضعٌ وعِشرونَ خَريفاً، بعضُها ذاكِرةُ أعجَميّ أضاعَ الطَريقَ إلى الهويةَ في الحَليل، فظنَّوهُ الناسُ غَريباً، لأنَّهُ لا يَحمِلُ وجهَ البَهجَةِ المُستعارة، ووثيِقَةُ تصريحٍ للهروب!
......ولي وسائِدي.. وخُيوطُ مَرثيَّةٍ لا تَمُتُّ لِجيل،
......ولي أولي.. وَليُّ أمري، يدُهُ تدُكُّ التُرابِ على قاعِ الغَرسِ؛ ويَدُ أُمِّي على جَبيني.
......وَلي صوتُ هَديرِ البَحرِ، لكِنَّ البَحرَ ليسَ لي.. لأنَّهُ غَدرَ بي.
......ولي تجارُبي، وأقلامي، وأحلامي.. وبعضٌ مِن ليالي الجارةِ السامِرة.. ولي إيماني، وسَبعُ سنابِلَ قِطافُ عِشرينَ عاماً،
......ولي أمراضي .. وطُفولتي؛ لكِنَّ لونَ التُرابِ في عَسقلانَ لا يُشبِهُني،
......لا يُشبِهُني!!
**
......مررتُ على ألفِ رَصيفٍ، كُلَُّها آمِنَة، لأنَّها تعرِفُ الطَريقَ إلى البيت، ولأأنَّها رافقتني في طفُولتي إلى المَدرسة. والبيتُ لهُ ألفُ نافِذةٍ غير آمِنَة.. لأنَّها لا تَعرِفُ الطَريقة إلى الأحلام، ولأنَّي في ليلةٍ نَظرتُ مِنها إلى القمر .. فرأيتُهُ مُؤطراً، لا يمتَلِكُ سبباً للبقاءِ في هذا الزيف!
......وفي البيتِ مُتسَعٌ لأسِرَةِ النومِ، ولِحبرِ الأقلامِ.. وليسَ لي هَودجٌ واحِدٌ مِن الذِكرى يَزُفُني إلى نومٍ هنيء.
**
......وهِيَ........هي، ليست لي، ولا تَعرِفني، لأنَّها تعرِفُ عيونَ الواقفينِ على الزاويةِ في السوقِ المُزدَحِمة، ولأنَّها أضَاعَتْ حقائبي في السَفرِ إليها، ولأنِّي أنا لا أعرِفُ في أيِّ بحرٍ أضعتُ زورقي.
......ليسَ لي أصابِعَ تَقُودُني إلى راحِةِ يدِها لأرى العُبُورَ مِن خِلالي.. لأنَّ لونَ التُرابِ في عَسقلانَ لا يُشبِهُني ..
......لا يُشبِهُني..
......لا أُشبِهُ التُرابَ، لأنَّ البُذورَ تتشبَّهُ بي!
......هذا ما أعرِفُهُ ..
......وهَذا ليسَ لي!
تعليق