ظاهرة الملل والسآمة انتشرت بين بني البشر بشكل كبير وواضح خصوصا في ظل الحضارة المعاصرة التي تهتم في الناحية الجسدية للإنسان وتنسى نواحي أخرى التي لا تقل أهمية في تكويننا البشري.
هذه الظاهرة واسعة وموجودة في كل مكان وزمان وفي كل وظيفة ولا تقتصر فقط على أشخاصا قلائل. نستطيع رؤية عالمة فيزيائية, طبيب عظيم, معلم مدرسة, فلاح ومديرة بنك الذي يتسلط عليهم الملل والضجر بالرغم من اختيارهم الشخصي لتلك الوظائف التي يشغروها. فما هو الأمر الذي يجعلنا نشعر بالملل والضجر حتى في تلك الحالات التي نمارس بها هواياتنا وأعمالنا التي نحبها ونبدع بها كثيرا؟
لا نستطيع تحديد او وصف الكيان البشري في كلمة واحدة وذلك لان الإنسان مخلوق من عدة مكونات وأجزاء التي تكتمل لكيان واحد. لكن بالرغم من ذلك سأقوم في طرح ثلاثة أجزاء رئيسية التي تجعل من المخلوق البشري إنسانا متكاملا قدر المستطاع. ثلاثة أجزاء مركزية التي اعتقد بأنها تمنح الإنسان المقدرة في التصرف والتأقلم في مجريات حياته اليوم يومية:
القلب: أي المشاعر/ الثقافة
الرأس: الذهن والعقل المفكر/ الدراسة
اليدين: العمل
في غالب الأحيان تقتصر تربيتنا لأطفالنا فقط على إحدى الأجزاء التي ذكرت وفي الوضع الجيد سنربي أطفالنا على جزئين منهم وليس أكثر. فما الذي يحصل لأطفالنا وطلابنا عندما نقوم في تطوير إحدى هذه الجوانب وليس كلها؟ من المؤكد أنهم سيشعرون بالملل في حياتهم.
شعورنا بالملل لا سيما نابع من عدم تربيتنا على استعمال الثلاثة أجزاء المركزية التي ذكرت. فنحن لسنا فقط أشخاصا مفكرين ولسنا فقط أشخاصا عاطفيين ولسنا فقط أشخاصا عاملين بل نحن نتكون من كل هذه الأجزاء وليس فقط من جزء واحد وبالتالي على تربيتنا ان تعني في تطوير هذه الجوانب الثلاثة لنصبح فيما بعد بني بشر متكاملين وليس نصفي بشر الذين يشعرون بالملل في حياتهم.
ظاهرة الملل ذاتها أيضا تنبع بشكل مباشر من عدم مقدرتنا على تشغيل كل من هذه الأجزاء الثلاثة عند الحاجة. فمثلا سيشعر العالم الفيزيائي بالملل ازاء خطاب ديني عاطفي وحساس. كما وسيشعر الفلاح العامل في الملل اذا اضطر الي قراءة ومتابعة أي من النظريات العلمية الحسابية او في متابعة الأعمال التي تتطلب منه تشغيل الجزء المفكر من كيانه البشري.
لذلك فالحل الطبيعي والواقعي لظاهرة الملل تكمن في مقدرتنا على التربية المتكاملة لأطفالنا. تربية التي تكون متاصله وذات علاقة مباشرة مع فطرتنا (أي طبيعتنا البشرية) وليست تربية التي تكون بعيدة وفارغة وغير مرتبطة في طبيعتنا وواقعنا كبشر.
التربية السليمة والمتكاملة هي تلك التي تنجح في ضم هذه الأجزاء بكيان الطالب وبروحه وبالتالي التي تعلمه الانتباه لعلامات الملل التي هي بمثابة منبه طبيعي وفطري الموجود في داخلنا كي نتذكر بأننا نجحف في حق استعمال إحدى الأجزاء التي تشعرنا في تكاملنا وعدم ضجرنا من الحياة.
اين نستطيع تلقي هذه التربية المتكاملة؟ هل نستطيع الحصول عليها فقط من خلال التربية المدرسية؟
بسبب حصر المربي او المعلم في المدرسة بنظام التربية المنهجية, وبسبب عدم مقدرته على دمج الجزئي العملي والعاطفي داخل غرفة الصف فلا نستطيع الاكتفاء بما تمنحه المدرسة من التربية ولذلك فعلينا الخروج من الاطر المنهجية التي تربينا بجانب واحد وهو الدراسي الذهني العقلي ولنسعى للحصول على التربية المكملة والتي لا تقل أهمية وهي التي تتواجد في الأطر اللا منهجية مثل حركات الشبيبة.
بقلم: مريم عوض
حيفا
هذه الظاهرة واسعة وموجودة في كل مكان وزمان وفي كل وظيفة ولا تقتصر فقط على أشخاصا قلائل. نستطيع رؤية عالمة فيزيائية, طبيب عظيم, معلم مدرسة, فلاح ومديرة بنك الذي يتسلط عليهم الملل والضجر بالرغم من اختيارهم الشخصي لتلك الوظائف التي يشغروها. فما هو الأمر الذي يجعلنا نشعر بالملل والضجر حتى في تلك الحالات التي نمارس بها هواياتنا وأعمالنا التي نحبها ونبدع بها كثيرا؟
لا نستطيع تحديد او وصف الكيان البشري في كلمة واحدة وذلك لان الإنسان مخلوق من عدة مكونات وأجزاء التي تكتمل لكيان واحد. لكن بالرغم من ذلك سأقوم في طرح ثلاثة أجزاء رئيسية التي تجعل من المخلوق البشري إنسانا متكاملا قدر المستطاع. ثلاثة أجزاء مركزية التي اعتقد بأنها تمنح الإنسان المقدرة في التصرف والتأقلم في مجريات حياته اليوم يومية:
القلب: أي المشاعر/ الثقافة
الرأس: الذهن والعقل المفكر/ الدراسة
اليدين: العمل
في غالب الأحيان تقتصر تربيتنا لأطفالنا فقط على إحدى الأجزاء التي ذكرت وفي الوضع الجيد سنربي أطفالنا على جزئين منهم وليس أكثر. فما الذي يحصل لأطفالنا وطلابنا عندما نقوم في تطوير إحدى هذه الجوانب وليس كلها؟ من المؤكد أنهم سيشعرون بالملل في حياتهم.
شعورنا بالملل لا سيما نابع من عدم تربيتنا على استعمال الثلاثة أجزاء المركزية التي ذكرت. فنحن لسنا فقط أشخاصا مفكرين ولسنا فقط أشخاصا عاطفيين ولسنا فقط أشخاصا عاملين بل نحن نتكون من كل هذه الأجزاء وليس فقط من جزء واحد وبالتالي على تربيتنا ان تعني في تطوير هذه الجوانب الثلاثة لنصبح فيما بعد بني بشر متكاملين وليس نصفي بشر الذين يشعرون بالملل في حياتهم.
ظاهرة الملل ذاتها أيضا تنبع بشكل مباشر من عدم مقدرتنا على تشغيل كل من هذه الأجزاء الثلاثة عند الحاجة. فمثلا سيشعر العالم الفيزيائي بالملل ازاء خطاب ديني عاطفي وحساس. كما وسيشعر الفلاح العامل في الملل اذا اضطر الي قراءة ومتابعة أي من النظريات العلمية الحسابية او في متابعة الأعمال التي تتطلب منه تشغيل الجزء المفكر من كيانه البشري.
لذلك فالحل الطبيعي والواقعي لظاهرة الملل تكمن في مقدرتنا على التربية المتكاملة لأطفالنا. تربية التي تكون متاصله وذات علاقة مباشرة مع فطرتنا (أي طبيعتنا البشرية) وليست تربية التي تكون بعيدة وفارغة وغير مرتبطة في طبيعتنا وواقعنا كبشر.
التربية السليمة والمتكاملة هي تلك التي تنجح في ضم هذه الأجزاء بكيان الطالب وبروحه وبالتالي التي تعلمه الانتباه لعلامات الملل التي هي بمثابة منبه طبيعي وفطري الموجود في داخلنا كي نتذكر بأننا نجحف في حق استعمال إحدى الأجزاء التي تشعرنا في تكاملنا وعدم ضجرنا من الحياة.
اين نستطيع تلقي هذه التربية المتكاملة؟ هل نستطيع الحصول عليها فقط من خلال التربية المدرسية؟
بسبب حصر المربي او المعلم في المدرسة بنظام التربية المنهجية, وبسبب عدم مقدرته على دمج الجزئي العملي والعاطفي داخل غرفة الصف فلا نستطيع الاكتفاء بما تمنحه المدرسة من التربية ولذلك فعلينا الخروج من الاطر المنهجية التي تربينا بجانب واحد وهو الدراسي الذهني العقلي ولنسعى للحصول على التربية المكملة والتي لا تقل أهمية وهي التي تتواجد في الأطر اللا منهجية مثل حركات الشبيبة.
بقلم: مريم عوض
حيفا
تعليق