حينما يتحدث العقلاء ننصت لهم ونطرب لحديث العقل ويأسرنا
الفكر النير ليس لمجرد الترف الفكري ولكن لأن الفكر أساس وجوهر
يخالط حياتنا دقها وجلها ,,
لا أتحدث عن مثقفين ولا عن أصحاب تخصص ولا عن شعراء ومبدعين
وإنما قصدت العقلاء حقا من هؤلاء جميعا ,,
وهنا يتبادر إلى الذهن ما المقصود بهذا الكلام وأتمنى أن أصل بفكرتي
معكم إلى بر الأمان ,,,
كنت اقرأ بيت من الشعر يقول
آفة الرأي الهوى , فمن علا ,, على هواه عقله فقد نجا
وكنت أحاول جاهدا أن أرى بالمرآة أين أنا من هذا القانون الجميل
وحاولت أن أرى المثقفين من خلاله ورأيت أني قد اخرج من هذه الدائرة
وأصبحت تضيق ولا تتسع للكثيرين
فمن الذي يتخلص من الهوى في الرأي وكان ذا رأي حر لا ينطوي على رأيه
عندما يرى صواب ما عند غيره ؟؟
أظن من حقكم وضع هذا البيت أمام أعينكم وما المانع أن نضع أنفسنا
أمام هذا الاختبار ونكون ممن تشغله نفسه أكثر من انشغاله بمجهر التكبير
لأخطاء الآخرين
ويذكر أن امرأة كانت أذا جلست مع زوجها أشارت بإصبعها إلى النافذة
وقالت انظر إلى جارتنا لا اعلم متى ستشتري مسحوق تنظيف جيد حتى
يظهر ذلك على الملابس التي تنشرها ولا تزال متسخة
وكررت هذا الكلام بنفس النظرة الدونية إلى جارتها وبعد مرور عدة أيام
نظرت وإذا بالغسيل ناصع البياض فقالت لزوجها يبدوا ان جارتنا وجدت
مسحوق غسيل جيد وتعلمت كيف تنظف الملابس
فقال زوجها :
يا عزيزتي كل ما في الأمر أنني نظفت زجاج النافذة !!!!!!!
وكان مما ينبغي ذكره من الأمور التي يسقط فيها العقل هو التعالي
على الآخرين وتحقيرهم وتصغير ما عندهم من فكر عند الخلاف
وهذا يظهر في النقاش كثيرا ممن افتقدوا أساليب النقاش الجاد والهادف
فتجد بعض المثقفين ممن يمتلكون الثقافة المبهرة أحيانا لم يستطيعوا
التخلص من عقدة البراءة من الخطأ وان كان هذا لسان الحال وليس
لسان المقال ,,
فما أجمل ما قيل
تواضع تكن كنجم لاح لناظر ,,, على صفحات الماء وهو رفيع
ولاتكن كالدخان يسمو بنفسهِ ,,, على طبقات الجو وهو وضيع
نعم ما أجمل صورة النجم في الماء فحقيقته العلو
وما أهون الدخان وما أخفه في السماء فقد انعدم وزنه
كما أن الصد والتعالي عن النقد والانبهار بما يكتشفه الآخر من
عيوبنا هو عدوان على نجاح الذات مهما حاولت أن تتظاهر بالعلو
على الآخرين
كما أن محاولة تحجيم المبدعين بداعي النصح والنقد الهادف
هي محاولة نفخ الذات بما ليس فيها من خلال إظهار الأخطاء
والصيد في الماء العكر وكأنه القائل أنا انتقدهم إذا أنا موجود
إذا إنا أمام الناس أغزر علما وأكثر دراية ,,
وتستمر( الأنا ) القيادة إلى المجهول والسقوط من أعلى أعين الناس
وهنا يقول الشافعي رحمه الله
تعهدني بنصحك في انفراد
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرض استماعه
فإن خالفتني و عصيت قولي
فلا تغضب إذا لم تُعط طاعة .
تعليق