محرقة غزة... العزة
حسني شاهين –القدس –مركز صامد
تباكينا على غزة وما يجري فيها من دمار .أهذا ما يطلب منا ؟؟ ان سيل الدموع لا ترفع او تمحو الظلم الواقع عليها تحت سمع وبصر العالم، ان ماا يمحو الظلمَ ويغير الموازين قليل من الدم القاني الذي يبذله أهله مقبلين غير مدبرين، وشيء من الإقدام والاقتحام الذي لا يخاف أهله السجون والموت.
من يطلب الاستقلال وينشد الحرية يعرف ان الدم هو الثمن، والحرية لا تتحقق بجمل منمقة في هجاء الظالم ومدح المظلوم، ولا بتجمعات خطابية للتنفيس عن الأحزان وتبرئة الضمير. ولكي تكون لضريبة الدم قيمتها، لا يجوز هدرها في مواجهات عبثية، أو معارك جانبية، أو حروب وضع العدو خريطتها وحدد مسارها.
وهذه دعوة فعلية إلى الإمساك بلحظة الظلم الحالية لتغيير قواعد اللعبة المؤلمة المستنزِفة التي دخلت فيها القضية الفلسطينية منذ عام 1948، والرفع من مستوى المواجهة مع اسرائيل إلى مستوى التحدي، وهذا لا يكون الا من خلال: توسيع ساحة المواجهة العسكرية ، وانتفاضة شعبية جديدة في الضفة لزلزلة بنية التواطؤ هناك والتخلص منها، واعتصامات شعبية مستمرة في الدول العربية والاسلامية دون توقف إلى حين فك الحصار وقطع العلاقات مع دولة اسرائيل .
إن الخطوة الأولى المهمة والملحة في هذا الظرف الصعب هي توسيع ساحة المواجهة والمقاومة، وهي حرب مفتوحة مهما تمنينا غير ذلك.. إنها حرب مسرحها العالم كله، ووسائلها السلاح والكلمة والمال والعلم.
اسرائيل موجودة في العالم كله، مرتبطون بالصهيونية العالمية المتينة يناصرون بعضهم عن بعد، ولا يتناهون عن منكر فعلوه.
فالشاب منهم في معبد يهودي بأمريكا، والوزير منهم في حكومة روسيا، ورجل الاعمال منهم في بورصة نيويورك، والأمي منهم القادم من صحراء إثيوبيا.. كلهم عصبة واحدة وأمة واحدة من دون الناس.
ولم تقم إسرائيل إلا على أكتاف مال ذوي المال منهم، وأقلام ذوي الأقلام منهم، وجاه ذوي الجاه منهم، وهم درعها الحصين في كل بقاع الأرض، استعبدوا لها الشعب الأميركي الغبي، واستغلوا لصالحها عقدة المسيحية واضطهادها التاريخي لليهود، واشتروا لها ضمائر السياسيين الغربيين الذين لا ضمائر لهم، وضللوا لصالحها الشعوب الأوروبية العمياء، وتحكموا لصالحها في رقاب الحكام العرب فحصر المواجهة مع ااسرائيل في الداخل الفلسطيني قبول بقواعد اللعبة التي كتبوها بدمائنا، وإقرار لخارطة المعركة كما رسموها.
وقد اغتر القادة الفلسطينيون بذلك فحصروا معركتهم مع اسرائيل داخل فلسطين خوفا من إعلام غربي الاسم، يهودي المِلكية والهوى، يوصمهم بوصمة الإرهاب وهم اهل حق وعدل،
لقد آن الأوان للفلسطينيين الشرفاء ومن آزرهم ونصرهم من العرب والمسلمين عبر العالم، أن يتخلوا عن قواعد اللعبة التي رسمتها اسرائيل، وأن ينقلوا معركتهم إلى ساحتها الحقيقية، ساحة العالم الفسيح، حيث يمكن الالتفاف والكر والفر، ، ونقل الألم إلى الذين يذبحوننا وهم مرتخون في مقاعدهم الوثيرة بعواصم العالم.
فإما أن يكفوا تغذيتهم للسرطان الذي زرعوه في قلب أمتنا، وإما أن يدفعوا ثمن ذلك من دمائهم وأموالهم.
على أن نقل المعركة من داخل فلسطين إلى ساحة العالم الفسيح، لا تعني بحال استهداف الشعوب الغربية أو اليهود غير الصهاينة، فصراع الجبهات العريضة أمر يحتاج إلى حسابات دقيقة. وفتح جبهة ساندوهم.
علينا ان نخوض انتفاضة جديدة في الضفة الغربية تزلزل كيان التواطؤ والخيانة حتى يصبح من الممكن أن يحقق الشعب الفلسطيني الحد الأدنى من كرامته،
ولا بد أن يسهم أهل الضفة في تحرير وطنهم بوثبة قوية شبيهة بوثبة أهل غزة منذ سنتين من أجل التحرر ممن يكبلهم لصالح العدو، فأولى خطى التحرير هي وضع أمانة التحرير في الأيدي المؤتمنَة.
وهنا يأتي واجب الشعوب العربية، وبدونها لا معنى للندب والدموع. هذه الخطوة هي الخروج في اعتصامات دائمة من غير توقف، وإغلاق المدارس والمؤسسات والمنشآت الحكومية في كافة الدول العربية –خصوصا في مصر التي بيدها فك الحصار- حتى يتم رفع الحصار عن غزة، إن المسيرات العابرة مجرد فورة تنفس عن الغيظ المكتوم لكنها لا تحقق شيئا، والمطلوب اليوم أن يعتصم المتظاهرون في أماكن عامة ليلا ونهارا حتى يرتفع الحصار الظالم،
فإن فرقت قوى القمع المتظاهرين عادوا في اليوم الموالي. وأقل الممكن إضراب صامت عن العمل بحيث يبقى موظفو القطاع العام في بيوتهم، فليس في وسع القوى القمعية أن تسير دوريات في كل بيت بالقاهرة أو عمان أو غيرها.
لقد اعتصم اللبنانيون شهورا في الشوارع من أجل تغيير سياسي، أفلا يستحق الشهداء والأيتام والأرامل في غزة من الشعوب العربية اعتصاما في الشوارع لبضعة أيام؟
إن تبني هذه الخطوات العملية بالتوازي سيغير قواعد اللعبة، وينقل المعركة إلى حيث ينبغي أن تكون. أما القبول بإدارة الصراع من داخل الطوق الذي ضربه العدو فهو عبث واستنزاف للذات.
وإذا كان الاسرائيليون مطمئنون إلى انهم سيستمرون في مذبحتهم دون رادع، على الشعوب العربية قلب السحر على الساحر بضربات وتحركات ومناورات لم تكن في حسبان اسرائيل.
إن ذرف الدموع على شهداء غزة وإصدار بيانات الإدانة والشجب والتنديد شأن الحكام العجزة الذين يريدون التغطية على تآمرهم. أما أبناء الأمة الشرفاء فشأنهم غير ذلك، نحن لسنا بحاجة الى البكاء. فلا تضيعوا الفرصة أيها الشرفاء ، فهذا زمن صناعة القرار و التاريخ ..
تعليق