في تلك البلاد حين سافر وسافرت هي وتقابلوا بدون ميعاد ، أنجبت لهم تلك الضحكات باقي اللقاءات، ولكن تلك اللقاءات كانت كرنين الهاتف ، لا يعلم أحد متى يبدأ أو متى ينتهي ، بصمت كانت اللقاءات تبدأ وبصمت كانت تمضي ، وكل لقاء كان كغيرة بدون تغيير ، في كل لقاء كان يعتزم الكلام وهي تنتظره . وفي ليلة من تلك الليالي وهو يذكرها ليلتفت على يمينه ليجدها تقف والحزن في عينيها ، أحزن حين أتذكر بكائه لها ، أحزن حين أتذكر وقفتها أمام ناظريه في كل ليلة ، أحزن حين أقول نهايتكما معروفة ، تكاد أن تنتهي تلك اللقاءات والحديث لم يبدأ بينهما .
أما هو فإنه ينظر إلى حاله وإلى تلك الأيام التي ضاعت "ما يفيدني الكلام معها الآن وأنا راحل؟" . ربما كانت تقول ما يقوله هو .. افعلا يكونا صادقين ؟ هل يكون الحديث قد انتهى أوانه ؟.. إنه يقف في مكانه المعتاد في كل ليلة وهو يعلم أنها آخر ليلة له ، ولكنها لا تعلم أنه راحل وأنه سيصبح فتى في أحلامها . وفي آخر لقاء وعند لحظة الفراق يخرج المرسول ليحمل رسالته إليها وهو يقول "سأرحل .. هل أراك بعد هذا اليوم ؟". ويا تلك الصاعقة التي تقف في وجهها حين تسمع تلك الكلمات من ذلك المرسول ، هل تستطيع أتجيبه لما يريد؟.
إن دمعتها تتكفل بالباقي فيبقى المرسول حائرا ينتظر كلماتها فمن تلك الدمعات يقول لسانها ولا أحد يعرف إن كان ذلك القول من قلبها أم لا .. "وداعا" ..
أتكون كلمتها صادقة أم ترفضها الأقدار ، ربما تكون تلك كلمة واحدة ولكنها تحمل قصة بين حروف ، قصة ستكون جميلة لو كانت اللقاءات فها غير تلك اللقاءات ،وحين يقول له المرسول تلك الكلمة يصبح كمطر يتناثر في كل مكان لا يعرف إلى أين يكون مصيره ، لا يملك سوى الندم على تلك اللقاءات . إنه مستمر في حبه لها ولكن أمستمرة أنتِ كما كنتِ ؟ أم أنكِ نسيت ذلك الإنسان ؟ وهل ستعود تلك اللقاءات التي كانت أم أنها صدفة بعيدة المدى وانتهت ؟ وإن كانت هنالك لقاءات فهل ستكون كسابقيها ؟
سألتك يا قمر الإجابة فتختفي وكأنك تعرف ما سيكون . أتبقى ليالينا حائرة تنتظر لقاء مجهول ؟.. لقاء لا تعرف إن كانت كغيره أم لا ؟
حب بدأ بهدوء فهل سيكون هنالك نهاية لذلك الحب ؟ اهو أحمق لأنه لم يعرف كيف يساند اللقاءات السابقة ؟ أعلم أن الأيام لا تدور بهواه ، وأعلم أن الأقدار لا يقف أمامها معاند ، وأعلم أن الحيرة هي الباقية . لقد تم المكتوب وأصبح اللقاء ذكرى تدوم ربما وربما تُنسى . أتنسى هي لقاءاته معها أم أنها ستظل تذكر تلم الأيام ؟ هل له مكان في جوفها أم أنه أصبح مجرد ذكرى تعرض نفسها أمام عينيها برهة وتعود لتختفي في أحضان الذكريات ، لقد تمنى اللقاء وللأقدار أفعال فها هو اللقاء يعود فهل سيكون كسابقيه ؟.
هاهي تقف أمامه ولكن نظرتها ليست نظرة انتظار كباقي اللقاءات فقد كانت نظرتها تقول تلك الكلمة الأخيرة "وداعــا" وهو يقف جاهلا . فهي تريد الرحيل والعند في عينيها ، لا تبالي بدمعاته الحزينة ولا تبالي بصمته القاتل . فقد وجب الهجر وماتت القلوب بأمانيها . يرتجيها البقاء ورحمة الحال فترد بقولها :
"إن بقيت فقلبي هاجر " ..
سألها الأسباب .."الأسباب وقود الأقدار " ..
ولكن الفراق الآن بدون أسباب فمفرق الطريق أصبح قريب ، إنه يعاند الهوى ويسأله الأسباب .. ألا يعرف كيف يكون الفراق واجبا في الهوى ؟.. وتكون الدموع ثمن أيام اللقاء ؟..
قالت له :
" أحببتك أقولها والكل يسمعها وما بأيدينا تدور الأيام ، فكما لنا يوم فالهوى لهو باقي الأيام ، سألتك الرحيل وبدون أسباب سيكون ، ستخنق الأقدار صوتنا وسنبقى في صمتنا".
ولكن إلى متى سيسهر وسيبكي وسيندم ؟ أتكون هذه نهاية اللقاء ؟ ألن يكون هناك لقاء ولو بالصدفة ؟.. ألا تعرف أنه بمولد الفراق تموت صدف اللقاءات . انتهى اللقاء وانتهت الأحلام ولكن هل انتهى ذلك الحب ؟.. لقد رحلت إلى الأبد ، وبقيت أنت فماذا تنتظر ؟ لن تعطف عليك الأقدار ، ولن يشفق عليك الهوى فهناك غيرك الكثير ، ولكن تذكر دائما كيف يكون عناد الأقدار قاتلا ، وتذكر دائما كيف كان ذلك اللقاء اليتيم ..
انتهت ...