السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
كنت أنظر في أوراقي القديمة ، فوقعت بين يدي ورقة مطوية بعناية ، عمرها ما يقارب الثلاثة عشر عاماً
خط فيها سؤال واحد كنت قد كتبته بنفسي في ذاك الوقت، ولنفسي اليوم ، أي لكي أجيب عنه مستقبلا - الآن
سؤال واحد مذيل بتاريخ اليوم الذي خط فيه، أرجعني سنيناًفي الماضي، فأعطاني بعد التفكر العميق أملاً في الغد ..
"هل هناك أصعب من هذا الموقف؟"
هذا كل ما كتب ..
رغم السنين الطوال ، و رغم أن هذا الموضوع لم يخطر ببالي منذ أن انتهى الأمر في ذاك الوقت
إلا أن هذا السؤال البسيط جعل شريط الذكريات حياً أمام عيني في ظرف لحظات ، فالمعاناة النفسية و الفكرية لا تنسى
الموقف هو معاناة طالبة متفوقة، استلمت ، بسبب ظروف معينة، شهادة فصلية بمعدل عام سيء جداً
فأظلم أفقها و انكفأت على نفسها و انحصرت الدنيا في عينيها إلى كيف تواجه أهلها و الدنيابهذه النتيجة ، و كيف ستكون حياتها بعدها ، فهذا أهم شيء في حياتها و قد انكسر
لن يعود شيء كالسابق ،، ليت الموت يخلصها من هذا الموقف ، و هل هناك أصعب من هذا الموقف ؟؟
" هل هناك أصعب من هذا الموقف "
كتبت السؤال حينها كنوع من التحدي ،لكي أجيب عنه بالنفي بعد أن أكون قد كبرت و نضجت
فأثبت لنفسي أنها فعلا أزمة لا يمكن تجاوزها ، و لست "أضخم" الأمور و أعطي المسألة أكبر من حجمها
سوف أكبر يوماً ما و أعثر على الورقة و أتذكر هذا الموقف "الرهيب" و أوافق أنه كان كرباً لا مخرج منه و لا فرج
ها أنا اليوم كبرت ، و المفروض أني نضجتو بالفعل عثرت على الورقة ، و بالطبع يمكنكم تخيل ردة فعلي الأولى عندقراءة هذا السؤال اليوم
ذاك الموقف ،الذي أقل ما يقال عنه أنه عابر (يعني لكيلا أقول تافه) ، توقفت حياتي عنده تماماًفي ذاك الحين
صحيح أنني كنت في سن لايتحلى بدرجة كافية من النضج
ولكن فيالواقع هذه هي طبيعة الإنسان ، تحتلف القضية و يختلف الزمان ، و يبقى الحال واحد
طبيعته أن تستغرق نفسه الحالُ التي يكونعليها
" يَئُوس قَنُوط "يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا الأمرخير
يسرف فى يأسه ، ويسرف فى كفره بالنعمالأخرى التى لا يزال يتمتع بها
يقول سيد قطب رحمه الله فيتفسير
لَايَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌقَنُوطٌ \ فصلت 49
.... إنها صورة صادقةلهذا الإنسان العجول القاصر , الذي يعيش في لحظته الحاضرة , ويطغى عليه ما يلابسه ; فلا يتذكر ما مضى ولا يفكر فيما يلي
فهو يؤوس من الخير , كفور بالنعمةبمجرد أن تنزع منه . مع أنها كانت هبة من الله له . وهو فرح بطر بمجرد أن يجاوزالشدة إلى الرخاء .
لا يحتمل في الشدة ويصبر ويؤمل في رحمة الله ويرجو فرجه ; ولا يقتصدفي فرحه وفخره بالنعمة أو يحسب لزوالها حسابا .
هذا الإنسان لا يسأم من دعاء الخير . فهو ملح فيه , مكرر له , يطلب الخير لنفسه ولا يمل طلبه
وإن مسه الشر . مجرد مس . فقد الأمل والرجاء وظن أن لا مخرج له ولا فرج , وتقطعت به الأسباب وضاق صدره وكبر همه ; ويئسمن رحمة الله وقنط من رعايته .
ذلك أن ثقته بربه قليلة , ورباطه به ضعيف !
:
كل إنسان مبتلى بأمر . إما حال يرجو الخلاص منه ، داء متعب ، ظرف صعب ، يكبل يديه و يقعده
أو أمر يتوق إليه بشدة ، يرى أن حياته لن تسير إلابتحقيقه ، و لن يذوق حلاوة أي شيء من دونه، فيسلب الانتظار كل فكره و طاقاته
تعددت أسباب الضيق ، و النفس البشريةالقنوطة واحدة
هذه الرسالة الثمينة التي عثرت عليها بعدثلاثة عشر عاما ، تضمنت رسالة من الرحيم العليم
لكل شيء فرج و مخرج ، و كل حال زائل
الإنسان بطبيعة أفقه الضيق ، يأسره حاله ، فيهيأ له أنالدنيا انحصرت في هذا الأمر الذي يشغله
تماماً مثل النائم الذي يغشاه كابوس ، يهيأ له في حينهاأن هذا الحلم هو واقعه المؤلم الذي لا مخرج منه ، ولكنه ما يلبث أن يصحو و تنجلي الغشاوة
و أي شيء أنفع لجلاء كل غشاوة من القرآن الكريم الذي جعل نوراً و شفاء و رحمة للعالمين
إن تربع كتاب الله في قلوبنا جلى همومنا و غمومنا ، و نوربصائرنا و ارتقى بنا
فتعالوا نتعاهد هذاالقرآن الكريم بنية شفاء ما في الصدور
أليس تعالى القائل:
يَا أَيُّهَاالنَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْوَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِوَهُدًىوَرَحْمَةٌلِلْمُؤْمِنِينَ \ يونس 57
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًىوَشِفَاء\ فصلت 44
:
ها نحن اليوم ب شهررجب
فلنغتنم هذا الشهر الحرام ، لنحضرالقلب و نشعل فيه ما أماتته كثرة الهموم
لكي نصل إلى رمضان و نحن بحول الله أهل للعتق منالنيران
ألم تشعري في رمضان سابق بثقل ؟
ألم تشعري بأن شيئاً ما يثبطك و يمنع روحك من التحليق رغم أن القلب مقبل على الله ؟
ألم تعدي الأيام المتبقية من رمضان بحسرة أنها قد لا تكفي لتغيير حالك ؟
ألسنا كلنا ننتظر رمضان بشوق لكي نغير حالنا و نبدأ عهداً جديداً؟
ثم نشعر أنه مر كالبرق ، لامستنا نفحاته ولكن لم نتمكن منها كما كنا نرجو
لم تقلب حالنا كماكنا ندعو
لماذا ؟
لأننا لم نحضر القلب كما كان يجدر بنا
لم نهيء التربة الخصبة لاستقبال غيثالرحمة
كل أمر عظيم بحاجة للتمهيد والتحضير
و همومنا و مواجعنا كثيرة بحاجةلجهد مكثف لطمسها
فتعالوا نهيء قلوبنالاستقبال نفحات الرحمة
لنملأ قلوبنابآيات الله تلاوة و حفظاً في شهري رجب و شعبان ، لكي نستشعر حلاوتها في شهرالقرآن
كل ما نعاني منه ، كل ما نتوق إليه ، كلحال يسيطر على دنيانا و يشغل بالنا
كلداء شفاؤه في القرآن ، و كل قلب رحمته في القرآن
وَنُنَزِّل مِنْ الْقُرْآن مَاهُوَ شِفَاء وَرَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ \ الإسراء82
فاللهماجعلنا من أهله و اشرح به صدورنا و وسع مداركنا
كنت أنظر في أوراقي القديمة ، فوقعت بين يدي ورقة مطوية بعناية ، عمرها ما يقارب الثلاثة عشر عاماً
خط فيها سؤال واحد كنت قد كتبته بنفسي في ذاك الوقت، ولنفسي اليوم ، أي لكي أجيب عنه مستقبلا - الآن
سؤال واحد مذيل بتاريخ اليوم الذي خط فيه، أرجعني سنيناًفي الماضي، فأعطاني بعد التفكر العميق أملاً في الغد ..
"هل هناك أصعب من هذا الموقف؟"
هذا كل ما كتب ..
رغم السنين الطوال ، و رغم أن هذا الموضوع لم يخطر ببالي منذ أن انتهى الأمر في ذاك الوقت
إلا أن هذا السؤال البسيط جعل شريط الذكريات حياً أمام عيني في ظرف لحظات ، فالمعاناة النفسية و الفكرية لا تنسى
الموقف هو معاناة طالبة متفوقة، استلمت ، بسبب ظروف معينة، شهادة فصلية بمعدل عام سيء جداً
فأظلم أفقها و انكفأت على نفسها و انحصرت الدنيا في عينيها إلى كيف تواجه أهلها و الدنيابهذه النتيجة ، و كيف ستكون حياتها بعدها ، فهذا أهم شيء في حياتها و قد انكسر
لن يعود شيء كالسابق ،، ليت الموت يخلصها من هذا الموقف ، و هل هناك أصعب من هذا الموقف ؟؟
" هل هناك أصعب من هذا الموقف "
كتبت السؤال حينها كنوع من التحدي ،لكي أجيب عنه بالنفي بعد أن أكون قد كبرت و نضجت
فأثبت لنفسي أنها فعلا أزمة لا يمكن تجاوزها ، و لست "أضخم" الأمور و أعطي المسألة أكبر من حجمها
سوف أكبر يوماً ما و أعثر على الورقة و أتذكر هذا الموقف "الرهيب" و أوافق أنه كان كرباً لا مخرج منه و لا فرج
ها أنا اليوم كبرت ، و المفروض أني نضجتو بالفعل عثرت على الورقة ، و بالطبع يمكنكم تخيل ردة فعلي الأولى عندقراءة هذا السؤال اليوم
ذاك الموقف ،الذي أقل ما يقال عنه أنه عابر (يعني لكيلا أقول تافه) ، توقفت حياتي عنده تماماًفي ذاك الحين
صحيح أنني كنت في سن لايتحلى بدرجة كافية من النضج
ولكن فيالواقع هذه هي طبيعة الإنسان ، تحتلف القضية و يختلف الزمان ، و يبقى الحال واحد
طبيعته أن تستغرق نفسه الحالُ التي يكونعليها
" يَئُوس قَنُوط "يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا الأمرخير
يسرف فى يأسه ، ويسرف فى كفره بالنعمالأخرى التى لا يزال يتمتع بها
يقول سيد قطب رحمه الله فيتفسير
لَايَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌقَنُوطٌ \ فصلت 49
.... إنها صورة صادقةلهذا الإنسان العجول القاصر , الذي يعيش في لحظته الحاضرة , ويطغى عليه ما يلابسه ; فلا يتذكر ما مضى ولا يفكر فيما يلي
فهو يؤوس من الخير , كفور بالنعمةبمجرد أن تنزع منه . مع أنها كانت هبة من الله له . وهو فرح بطر بمجرد أن يجاوزالشدة إلى الرخاء .
لا يحتمل في الشدة ويصبر ويؤمل في رحمة الله ويرجو فرجه ; ولا يقتصدفي فرحه وفخره بالنعمة أو يحسب لزوالها حسابا .
هذا الإنسان لا يسأم من دعاء الخير . فهو ملح فيه , مكرر له , يطلب الخير لنفسه ولا يمل طلبه
وإن مسه الشر . مجرد مس . فقد الأمل والرجاء وظن أن لا مخرج له ولا فرج , وتقطعت به الأسباب وضاق صدره وكبر همه ; ويئسمن رحمة الله وقنط من رعايته .
ذلك أن ثقته بربه قليلة , ورباطه به ضعيف !
:
كل إنسان مبتلى بأمر . إما حال يرجو الخلاص منه ، داء متعب ، ظرف صعب ، يكبل يديه و يقعده
أو أمر يتوق إليه بشدة ، يرى أن حياته لن تسير إلابتحقيقه ، و لن يذوق حلاوة أي شيء من دونه، فيسلب الانتظار كل فكره و طاقاته
تعددت أسباب الضيق ، و النفس البشريةالقنوطة واحدة
هذه الرسالة الثمينة التي عثرت عليها بعدثلاثة عشر عاما ، تضمنت رسالة من الرحيم العليم
لكل شيء فرج و مخرج ، و كل حال زائل
الإنسان بطبيعة أفقه الضيق ، يأسره حاله ، فيهيأ له أنالدنيا انحصرت في هذا الأمر الذي يشغله
تماماً مثل النائم الذي يغشاه كابوس ، يهيأ له في حينهاأن هذا الحلم هو واقعه المؤلم الذي لا مخرج منه ، ولكنه ما يلبث أن يصحو و تنجلي الغشاوة
و أي شيء أنفع لجلاء كل غشاوة من القرآن الكريم الذي جعل نوراً و شفاء و رحمة للعالمين
إن تربع كتاب الله في قلوبنا جلى همومنا و غمومنا ، و نوربصائرنا و ارتقى بنا
فتعالوا نتعاهد هذاالقرآن الكريم بنية شفاء ما في الصدور
أليس تعالى القائل:
يَا أَيُّهَاالنَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْوَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِوَهُدًىوَرَحْمَةٌلِلْمُؤْمِنِينَ \ يونس 57
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًىوَشِفَاء\ فصلت 44
:
ها نحن اليوم ب شهررجب
فلنغتنم هذا الشهر الحرام ، لنحضرالقلب و نشعل فيه ما أماتته كثرة الهموم
لكي نصل إلى رمضان و نحن بحول الله أهل للعتق منالنيران
ألم تشعري في رمضان سابق بثقل ؟
ألم تشعري بأن شيئاً ما يثبطك و يمنع روحك من التحليق رغم أن القلب مقبل على الله ؟
ألم تعدي الأيام المتبقية من رمضان بحسرة أنها قد لا تكفي لتغيير حالك ؟
ألسنا كلنا ننتظر رمضان بشوق لكي نغير حالنا و نبدأ عهداً جديداً؟
ثم نشعر أنه مر كالبرق ، لامستنا نفحاته ولكن لم نتمكن منها كما كنا نرجو
لم تقلب حالنا كماكنا ندعو
لماذا ؟
لأننا لم نحضر القلب كما كان يجدر بنا
لم نهيء التربة الخصبة لاستقبال غيثالرحمة
كل أمر عظيم بحاجة للتمهيد والتحضير
و همومنا و مواجعنا كثيرة بحاجةلجهد مكثف لطمسها
فتعالوا نهيء قلوبنالاستقبال نفحات الرحمة
لنملأ قلوبنابآيات الله تلاوة و حفظاً في شهري رجب و شعبان ، لكي نستشعر حلاوتها في شهرالقرآن
كل ما نعاني منه ، كل ما نتوق إليه ، كلحال يسيطر على دنيانا و يشغل بالنا
كلداء شفاؤه في القرآن ، و كل قلب رحمته في القرآن
وَنُنَزِّل مِنْ الْقُرْآن مَاهُوَ شِفَاء وَرَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ \ الإسراء82
فاللهماجعلنا من أهله و اشرح به صدورنا و وسع مداركنا
تعليق