وقف أمام نافذة مطلة على ذلك المكان الذي ظل يرتاده طوال 14 عاما.. إنه المكان الذي يحمل ذكرياته الطويلة الممزوجة بحالات الفرح والحزن والغضب في أحيان كثيرة.. إنه المكان الذي سبقه فيه عظماء اللعبة، المكان الذي يتمنى نصف قاطني مدينة ميونيخ التواجد فيه.
التجاعيد بدأت تزحف على وجهه.. العظام لم تعد قادرة على القفز برشاقة شاب في العشرين، ولكن الحماس وحب النجاح دفعاه للمواصلة حتى الـ38 من عمره.
لم تكن مباراة بايرن ميونيخ وهيرتا برلين يوم 17 مايو/أيار مجرد مباراة لتتويج البطل أو نهاية موسم البطولة الألمانية، بالنسبة للبافاريين هي حدث هام، وهو توديع حارسهم العملاق أوليفر كان بعد مسيرة 14 عاما مع بايرن.
أعلن "كان" اعتزاله ليضع حدا لمسيرة استمرت من 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1987 وحتى 17 مايو/أيار 2008، حصد خلالها جميع الألقاب التي يحلم أي حارس مرمى بحصدها.البداية
في سن السادسة كانت بدايته في فرق كارلسروهه، وظل مستمرا مع الفريق حتى نجح في الحصول على أول عقد احترافي موسم 1987-1988.
ويقول كان في كتابه "Nummer Eins"، والذي نشره في مايو/أيار 2004، "لقد أحببت الكرة، وكنت أشعر بسعادة بالغة عندما أمسكها بيديّ، لذا قررت أن أكون حارس مرمى".
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني عرف العالم بداية كان عندما قرر المدير الفني لكارلسروهه وينفرد شايفر إشراكه أمام كولن، ولكن البداية لم تكن جيدة فخسر الفريق برباعية نظيفة.
ومع حلول عام 1990 قرر شايفر إشراك كان على حساب الحارس الأساس ألكسندر فامولا، ويعد موسم 1993-1994 هو الأفضل للحارس الألماني مع كارلسروهه عندما قاد الفريق للوصول إلى الدور قبل النهائي لكأس الاتحاد الأوروبي، قبل الخروج أمام زالتسبورغ النمساوي بعد التعادل السلبي في النمسا والتعادل في ألمانيا بهدف لكل منهما.
ولفت كان أنظار المسؤولين في بايرن ميونيخ، وخاصة أن مدرب حراس المرمى هو "القط" سيب ماير، فتعاقد معه الفريق مقابل 4.6 مليون مارك، وهو رقم خيالي في ذلك الوقت.
بايرن ميونيخ
لم يكن يتخيل كان أن دخوله من الباب الذي دخله من قبل ألمع نجوم ألمانيا مثل فرانتس بيكنباور وكارل هاينتس رومنيجه وسيب ماير وجيرد مولر سيكون، هو الباب الذي سيظل يرتاده حتى نهاية مشواره مع الكرة.
اللقب الأول الذي أحرزه مع الفريق كان كأس الاتحاد الأوروبي 1996، ومن بعدها انطلق لحصد ثمانية ألقاب للدوري، ليساوي الرقم القياسي باسم ميمت شول، وكأس ألمانيا ست مرات وهو رقم شخصي قياسي، بالإضافة إلى سبعة ألقاب لكأس رابطة الأندية المحترفة، ودوري أبطال أوروبا مرة واحدة، وكأس العالم للأندية.
ألمانيا
بدأ كان مشواره مع المانشافت أمام سويسرا يوم 23 يونيو/حزيران 1995، وظل حارسا احتياطيا لأندرياس كوبكه، إلى أن أعلن الأخير اعتزاله دوليا عام 1998.
البطولة الأولى لكان كحارس أساس لألمانيا تحولت إلى كابوس، عندما خرج المنتخب من الدور الأول لنهائيات كأس الأمم 2000.
وفي 2002 صعد كان بأحد أضعف المنتخبات الألمانية إلى نهائي كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان، بعد سلسلة من التصديات بالغة الصعوبة أمام باراغواي وأمريكا وكوريا الجنوبية، وكان خطأه الأول في البطولة في النهائي أمام البرازيل ليهدي رونالدو أول أهداف المباراة النهائية التي انتهت لصالح السامبا بهدفين دون رد.
ولم يكن لقب أفضل لاعب في البطولة كافيا ليعوضه عن خسارة اللقب، على الرغم من أنه دخل التاريخ لكونه أول حارس ينجح في الفوز بلقب أفضل لاعب في كأس العالم.
وظل الحارس الأساس حتى مجيء يورغن كلينسمان عام 2004، ليبدأ الصراع بينه وبين ينز ليمان على مركز الحارس الأساس.
واشتعلت الحرب الكلامية بين الحارسين، وأكد كان في أكثر من حديث صحفي أنه سيكون الحارس الأساس في كأس العالم 2006، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ليقرر كلينسمان أن يكون ليمان هو الحارس الأساس.
وفي الثامن من يوليو/تموز كان ختام مشوار كان مع المنتخب، عندما قاده للفوز على البرتغال بثلاثة أهداف مقابل هدف والحصول على المركز الثالث في كأس العالم.
عصبية ولحظات لا تنسى
عُرف كان بعصبيته الشديدة؛ مما دفع هارالد شميدت -وهو ممثل كوميدي ألماني- إلى وصف كان بالـ"غوريلا"، بعد صراخه في وجه أندرياس هرتسوغ زميله في بايرن في إحدى المباريات عام 1996، وهو الأمر الذي ساعد جماهير الفرق المنافسة لبايرن لقذفه بالموز قبل بداية كل مباراة.
ووصلت عصيبة كان إلى مرحلة الاعتداء، فقد حاول ضرب شتيفن شابوزات، ثم "قضم" وجه هايكو هيرليش في مباراة بروسيا دورتموند عام 1999.
ولم يسلم منه ميروسلاف كلوزه، عندما كان يلعب في صفوف فيردر بريمن وتوماس برداريتش وفاتامير فاتا.
وستظل خسارة دوري أبطال أوروبا عام 1999 هي اللحظة الأكثر حزنا في تاريخ الحارس العملاق، ففريقه ظل متقدما بهدف حتى الدقيقة 90، قبل أن يخطف مانشستر اللقب بهدفين في دقيقتين، ويصفها كان بأنها اللحظة الأسوأ في تاريخه، ولكن بعد تسعة أعوام عاش الحارس نفس اللحظة، ولكن بنقيضها عندما أحرز الإيطالي لوكا توني هدف بايرن الثالث في مرمى خيتافي في الدقيقة 120؛ ليواصل مشواره في كأس الاتحاد الأوروبي.
وكان عام 2003 بمثابة إعادة النظر في حياة الحارس الألماني، عندما لاحقته شائعة التخلي عن زوجته بسبب علاقة مع إحدى عاملات حانة ألمانية صغيرة، وتراجع مستواه كثيرا حتى انفصل نهائيا عن زوجته.
ومع بداية موسم 2007-2008 أكد كان أنه سيكون الأخير له، ليتحول ملعب أليانتس أرينا يوم 17 مايو/أيار إلى حفل تتويج وتوديع الحارس الذي يريد الحياة في هدوء بعيدا عن صخب الكرة.
بطاقة شخصية
الاسم: أوليفر كان
تاريخ الميلاد: 15 حزيران/يونيو 1969
مكان الولادة: كارلسروهه
الجنسية: ألماني
الطول: 188 سنتم
الوزن: 88 كلغ
مسيرته في الملاعب: لعب مع كارلسروهه من 1976 حتى 1994، ثم مع بايرن ميونيخ من 1994 حتى 2008.
الألقاب: فاز بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2001 ووصل إلى النهائي عام 1999.
فاز بلقب مسابقة كأس الاتحاد الأوروبي عام 1996.
فاز بلقب كأس القارات عام 2001.
فاز بلقب الدوري الألماني في 8 مناسبات أعوام 1997 و1999 و2000 و2001 و2003 و2005 و2006 و2008.
فاز بلقب كأس ألمانيا في 6 مناسبات أعوام 1998 و2000 و2003 و2005 و2006 و2008.
فاز بلقب كأس رابطة الأندية المحترفة المحلية في 7 مناسبات أعوام 1997 و1998 و1999 و2000 و2001 و2004 و2007.
مسيرته الدولية:
خاض 86 مباراة دولية.. أولها في 23 حزيران/يونيو 1995 أمام سويسرا (2-1)، وآخرها في 8 تموز/يوليو 2006 أمام البرتغال (3-1).
شارك في كأس العالم 4 مرات (1994 و1998 و2002 و2006)، حيث خاض 8 مباريات، 7 منها في مونديال 2002 عندما وصل منتخب بلاده إلى النهائي، قبل أن يخسر أمام البرازيل، وواحدة في مونديال 2006 عندما حلت بلاده المضيفة في المركز الثالث، وهو وصل مع بلاده إلى ربع النهائي في مونديالي 1994 و1998 من دون أن يلعب.
وشارك في كأس أوروبا في 3 مناسبات (1996 و2000 و2004)، وخاض 6 مباريات في الحدث القاري (2000 و2004)، وتوج باللقب في 1996 من دون أن يلعب.
الإنجازات الشخصية:
اختير 4 مرات أفضل حارس في بلاده
اختير في مناسبتين أفضل حارس في العالم (1999 و2001)
اختير أفضل حارس في أوروبا مرة واحدة (2002)
اختير أفضل لاعب خلال مونديال 2002
كان والأرقام:
1: هو رقم قميصه، و"أنا" هو عنوان السيرة الذاتية التي نشرها عام 2004.
2: هو عدد التمريرات الحاسمة في مسيرته دون أن يسجل أي هدف.
3: هو عدد المرات التي طرد فيها في الدوري المحلي؛ لكنه حصل على 34 إنذارا بسبب طباعه الحادة.
6: هو عدد المرات التي توج بها بلقب مسابقة الكأس المحلية (57 مباراة).
8: هو عدد المرات التي توج بها بلقب الدوري المحلي، ليصبح اللاعب الألماني الأكثر تتويجا إلى جانب زميله السابق ميمت شول الذي اعتزل في أيار/مايو 2007.
19: هي سلسلة المباريات المتتالية التي لم يتلق فيها فريقه أية هزيمة خلال موسم 2001-2002.
86: هو عدد المباريات الدولية التي خاضها مع منتخب بلاده من 1995 حتى 2006.
107: هو عدد المباريات التي خاضها في مسابقة دوري أبطال أوروبا التي توج بلقبها في مناسبة واحدة عام 2001، أي بعد عامين على الخسارة "الشهيرة" أمام مانشستر يونايتد الإنجليزي في نهائي المسابقة ذاتها عام 1999، عندما تقدم فريقه 1-صفر حتى الدقيقة الأخيرة قبل أن يخسر 1-2.
204: هو عدد المباريات التي لم تتلق فيها شباكه أي هدف (ليس على التوالي).
308: هو عدد المباريات التي فاز بها في الدوري المحلي.
556: هو عدد المباريات التي خاضها في الدوري المحلي منذ بدايته مع كارلسروهه، وهو رقم قياسي لحراس المرمى في ألمانيا، وثالث أفضل رقم بين جميع اللاعبين، علما بأن الرقم القياسي مسجل باسم كارل هاينتس كوربل (602 مباراة في الدرجة الأولى).
578: هو عدد الأهداف التي تلقتها شباكه.631: هو عدد المباريات التي خاضها مع بايرن ميونيخ في جميع المسابقات.
تعليق