[align=center]أمر الله عزَّ وجلَّ إبراهيم عليه السلام ببناء بيت الله الحرام وقد انطلق إبراهيم حتى أتى مكة فقام هو وابنه إسماعيل ورفعا القواعد كما قال الله تعالى : { وإذ يرفع إبراهم القواعد من البيت وإسمعيل } وبني البيت في المكان المهيأ له المعين لذلك منذ خلق السماوات والأرض وقيل أن الكعبة بحيال البيت المعمور ومعابد السماوات السبع التي يوجد في كل سماء بيت يعبد الله فيه أهل كل سماء وهو فيها كالكعبة لأهل الأرض .
قال الله تعالى { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين * فيه ءايت بينت مقام إبرهيم ومن دخله كان ءامناً ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } . يخبر الله أن أول بيت وضع للناس لعبادتهم ونسكهم يطوفون به ويصلون إليه ويعتكفون عنده للذي بمكة يعني : الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل عليه السلام الذي يزعم كل من طائفتي اليهود والنصارى أنهم على دينه ومنهجه ولا يحجون إلى البيت الذي بناه عن أمر الله له في ذلك ونادى الناس إلى حجه مع أنه { فيه ءايت بينت مقام إبرهيم } وهي دلالات ظاهرة على قيام إبراهيم ببناء هذا البيت وآية بينة باقية إلى قيام الساعة فقد بقي بجانب الكعبة مقام إبراهيم وهو الحجر الذي كان يقف عليه قائماً لما ارتفع البناء عن قامته وقد بقيت آثار قدمي إبراهيم الخليل في الحجر وهذا يعني أن رجله الكريمة غاصت في الصخرة فصارت على قدمه حافية لا منتعلة .
كسوة الكعبة
قيل أن إسماعيل هو أول من كسا الكعبة مطلقاً وأن عدنان أو من كساها الأنطاع وأن تُبَّع تبان أسعد هو أول من كساها الوصائل وهي ثياب حبرة من اليمن ثم كساها الناس بعده في الجاهلية وكانت قريش في زمن الجاهلية تشترك في كسوة الكعبة , ثم كساها الرسول صلى الله عليه وسلم الثياب اليمانية ثم كساها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين . وقيل : إن أول من كساها الديباج معاوية أو ابن الزبير أو الحجاج بأمر عبد الملك بن مروان وذكر أن أول من كساها الديباج الأبيض المأمون بن الرشيد وكساها محمد بن سبكتكين ديباجاً أصفر وكساها الناصر العباسي ديباجاً أخضر ثم كساها ديباجاً أسود فاستمر إلى هذا اليوم .
قريش والكعبة
بعد إبراهيم عليه السلام قامت قريش ببناء الكعبة قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات أي عندما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة .
فقد كانت الكعبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة عن حجر مرصوصة فوق بعضها البعض من غير ملاط وارتفعها فوق قامة الرجل بقليل , ولم يكن لها سقف فأرادت قريش إعادة بناء الكعبة خاصة بعد أن تعرض كنزها للسرقة وخيف عليها من السيل الذي يأتي من أعلى مكة فيصيب الكعبة فيتساقط بنائها ,, ولكنهم كانوا يهابون هدمها فاجتمعوا لذلك وكانت لها حية تحرسها لها رأس كرأس الجدي تخرج من بئر الكعبة كل يوم وتتسلق جدار الكعبة وتتشمس , فكان لا يدنو منها أحد إلا رفعت رأسها وصوتت باحتكاك بعض جلدها ببعض وفتحت فاها , وكانوا يهابونها فبينما هي ذات يوم تتشمس على جدار الكعبة بعث الله طائراً فأختطفها فذهب بها فقالت قريش : إنا لنرجو أن يكون الله قد رضي ما أردنا . فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها قام أحدهم فتناول من الكعبة حجراً فوئب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال : يامعشر قريش لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيباً لا يدخل فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد الناس .
وكانوا يخافون من هدمها ويهابون هذا الأمر , فأبتدأ بالهدم الوليد بن المغيرة فأخذ المعول وقال : اللهم لا نريد إلا الخير . ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس تلك الليلة وقالوا : ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئاً ورددنا كما كانت وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله صنعنا , فهدمنا .
فأصبح الوليد غاديا من ليلته على عمله فهدم وهدم الناس معه حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس , أساس إبراهيم عليه السلام أفضوا إلى حجارة خضر داخل بعضها في بعض فقيل إن رجلاً من قريش ممن كان يهدمها ادخل عتلة بين حجرين ليقلع بها أحدهما فلما تحرك الحجر اهتزت مكة بأسرها فانتهوا عن ذلك الأساس .
ثم أرادوا الأخذ في البناء فجزءوا الكعبة وخصصوا لكل قبيلة من قريش جزءاً منها فجمعت كل قبيلة الحجارة لبنائها كل قبيلة على حدة ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الحجر الأسود فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى انحازت كل قبيلة إلى جهة وأعدّوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة فسموا ( لعقة الدم ) فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمساً . ثم أنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا فقال بعضهم : يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا : هذا الأمين رضينا هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال صلى الله عليه وسلم : هلم إلي ثوباً فأتي به فأخذ الحجر الأسود فوضعه فيه بيده ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعاً ففعلوا حتى إذا بلغوا موضعه وضعه هو بيده ثم بنى عليه .
وقصرت بقريش النفقة فأخرجوا من الجهة الشمالية نحواً من سبعة أذرع وهي التي تسمى بالحجر والحطيم وجعلوا بناء الكعبة مربعاً تقريباً بعد أن كان شبه بيضاوي وبلغ ارتفاعه خمسة عشر متراً وطول ضلعه الذي فيه الحجر الأسود والمقابل له عشرة أمتار والضلع الذي فيه الباب والمقابل له اثنا عشر متراً وجعلوا للكعبة باباً واحداً ورفعوه عن الأرض حوالي المترين ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا . والحجر الأسود موضوع على ارتفاع متر ونصف من أرضية المطاف . أما مساحة المسجد الحرام فقد بلغت ستمائة وأربعة أمتار مربعة .
المسلمون والكعبة
قال الله تعالى : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنت فولوا وجوهكم شطره } . فقد كان المصطفى إذا صلى نحو بيت المقدس ورفع رأسه إلى السماء ينظر ما يؤمر به وكان يحب أن يصلي إلى قبل الكعبة فكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجه إلى الكعبة التي هي قبلة إبراهيم عليه السلام فأنزل الله تعالى أمره إلى حبيبه وصفيه من خلقه بأن يولّ وجهه نحو المكان الذي يحبه والقبلة التي يرضاها وأمر المسلمين بأن يولوا وجوههم نحوها . فإلى الكعبة يولي المسلمون وجوههم في صلواتهم حيثما كانوا في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها .
لقد هدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة الحرام وجعله مجمعاً للناس وأمناً ومحلاً تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه ولا تقضي منه وطراً ولو ترددت إليه كل عام استجابة من الله تعالى لدعاء خليله إبراهيم عليه السلام في قوله : { فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم } إلى أن قال { ربنا تقبل دعاء } .
في السنة الثامنة للهجرة فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فجاء إلى الكعبة فطاف بها سبعاً على راحلته ثم دخل الكعبة فصلى بها وأمر بطمس الصور التي في داخلها وتحطيم الأصنام التي من حولها وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشير بقضيب في يده وهو يتلو قوله تعالى : { جاء الحق وزهق الباطل إن البطل كان زهوقاً } فما أشار إلى صنم منها في وجهه إلا وقع لقفاه ولا أشار لقفاه إلا وقع لوجهه حتى ما بقي منها صنم إلا وقع .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب في هدم الكعبة وإعادة بنائها على أساس إبراهيم لولا أن قريشاً حديثو عهد بشرك وجاهلية ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : " إن قومك استقصروا من بنيان البيت , ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه , فإن بدا لقومك من بعدي لقومك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه " فأراها قريباً من سبعة أذرع . وقال صلى الله عليه وسلم " ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقيا وغربيا , وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها ؟ "قالت : لا قال : " تعززاً أن لا يدخلها إلا من أرادو , فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط " .
[/align]
قال الله تعالى { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين * فيه ءايت بينت مقام إبرهيم ومن دخله كان ءامناً ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } . يخبر الله أن أول بيت وضع للناس لعبادتهم ونسكهم يطوفون به ويصلون إليه ويعتكفون عنده للذي بمكة يعني : الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل عليه السلام الذي يزعم كل من طائفتي اليهود والنصارى أنهم على دينه ومنهجه ولا يحجون إلى البيت الذي بناه عن أمر الله له في ذلك ونادى الناس إلى حجه مع أنه { فيه ءايت بينت مقام إبرهيم } وهي دلالات ظاهرة على قيام إبراهيم ببناء هذا البيت وآية بينة باقية إلى قيام الساعة فقد بقي بجانب الكعبة مقام إبراهيم وهو الحجر الذي كان يقف عليه قائماً لما ارتفع البناء عن قامته وقد بقيت آثار قدمي إبراهيم الخليل في الحجر وهذا يعني أن رجله الكريمة غاصت في الصخرة فصارت على قدمه حافية لا منتعلة .
كسوة الكعبة
قيل أن إسماعيل هو أول من كسا الكعبة مطلقاً وأن عدنان أو من كساها الأنطاع وأن تُبَّع تبان أسعد هو أول من كساها الوصائل وهي ثياب حبرة من اليمن ثم كساها الناس بعده في الجاهلية وكانت قريش في زمن الجاهلية تشترك في كسوة الكعبة , ثم كساها الرسول صلى الله عليه وسلم الثياب اليمانية ثم كساها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين . وقيل : إن أول من كساها الديباج معاوية أو ابن الزبير أو الحجاج بأمر عبد الملك بن مروان وذكر أن أول من كساها الديباج الأبيض المأمون بن الرشيد وكساها محمد بن سبكتكين ديباجاً أصفر وكساها الناصر العباسي ديباجاً أخضر ثم كساها ديباجاً أسود فاستمر إلى هذا اليوم .
قريش والكعبة
بعد إبراهيم عليه السلام قامت قريش ببناء الكعبة قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات أي عندما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة .
فقد كانت الكعبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة عن حجر مرصوصة فوق بعضها البعض من غير ملاط وارتفعها فوق قامة الرجل بقليل , ولم يكن لها سقف فأرادت قريش إعادة بناء الكعبة خاصة بعد أن تعرض كنزها للسرقة وخيف عليها من السيل الذي يأتي من أعلى مكة فيصيب الكعبة فيتساقط بنائها ,, ولكنهم كانوا يهابون هدمها فاجتمعوا لذلك وكانت لها حية تحرسها لها رأس كرأس الجدي تخرج من بئر الكعبة كل يوم وتتسلق جدار الكعبة وتتشمس , فكان لا يدنو منها أحد إلا رفعت رأسها وصوتت باحتكاك بعض جلدها ببعض وفتحت فاها , وكانوا يهابونها فبينما هي ذات يوم تتشمس على جدار الكعبة بعث الله طائراً فأختطفها فذهب بها فقالت قريش : إنا لنرجو أن يكون الله قد رضي ما أردنا . فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها قام أحدهم فتناول من الكعبة حجراً فوئب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال : يامعشر قريش لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيباً لا يدخل فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد الناس .
وكانوا يخافون من هدمها ويهابون هذا الأمر , فأبتدأ بالهدم الوليد بن المغيرة فأخذ المعول وقال : اللهم لا نريد إلا الخير . ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس تلك الليلة وقالوا : ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئاً ورددنا كما كانت وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله صنعنا , فهدمنا .
فأصبح الوليد غاديا من ليلته على عمله فهدم وهدم الناس معه حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس , أساس إبراهيم عليه السلام أفضوا إلى حجارة خضر داخل بعضها في بعض فقيل إن رجلاً من قريش ممن كان يهدمها ادخل عتلة بين حجرين ليقلع بها أحدهما فلما تحرك الحجر اهتزت مكة بأسرها فانتهوا عن ذلك الأساس .
ثم أرادوا الأخذ في البناء فجزءوا الكعبة وخصصوا لكل قبيلة من قريش جزءاً منها فجمعت كل قبيلة الحجارة لبنائها كل قبيلة على حدة ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الحجر الأسود فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى انحازت كل قبيلة إلى جهة وأعدّوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة فسموا ( لعقة الدم ) فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمساً . ثم أنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا فقال بعضهم : يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا : هذا الأمين رضينا هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال صلى الله عليه وسلم : هلم إلي ثوباً فأتي به فأخذ الحجر الأسود فوضعه فيه بيده ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعاً ففعلوا حتى إذا بلغوا موضعه وضعه هو بيده ثم بنى عليه .
وقصرت بقريش النفقة فأخرجوا من الجهة الشمالية نحواً من سبعة أذرع وهي التي تسمى بالحجر والحطيم وجعلوا بناء الكعبة مربعاً تقريباً بعد أن كان شبه بيضاوي وبلغ ارتفاعه خمسة عشر متراً وطول ضلعه الذي فيه الحجر الأسود والمقابل له عشرة أمتار والضلع الذي فيه الباب والمقابل له اثنا عشر متراً وجعلوا للكعبة باباً واحداً ورفعوه عن الأرض حوالي المترين ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا . والحجر الأسود موضوع على ارتفاع متر ونصف من أرضية المطاف . أما مساحة المسجد الحرام فقد بلغت ستمائة وأربعة أمتار مربعة .
المسلمون والكعبة
قال الله تعالى : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنت فولوا وجوهكم شطره } . فقد كان المصطفى إذا صلى نحو بيت المقدس ورفع رأسه إلى السماء ينظر ما يؤمر به وكان يحب أن يصلي إلى قبل الكعبة فكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجه إلى الكعبة التي هي قبلة إبراهيم عليه السلام فأنزل الله تعالى أمره إلى حبيبه وصفيه من خلقه بأن يولّ وجهه نحو المكان الذي يحبه والقبلة التي يرضاها وأمر المسلمين بأن يولوا وجوههم نحوها . فإلى الكعبة يولي المسلمون وجوههم في صلواتهم حيثما كانوا في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها .
لقد هدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة الحرام وجعله مجمعاً للناس وأمناً ومحلاً تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه ولا تقضي منه وطراً ولو ترددت إليه كل عام استجابة من الله تعالى لدعاء خليله إبراهيم عليه السلام في قوله : { فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم } إلى أن قال { ربنا تقبل دعاء } .
في السنة الثامنة للهجرة فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فجاء إلى الكعبة فطاف بها سبعاً على راحلته ثم دخل الكعبة فصلى بها وأمر بطمس الصور التي في داخلها وتحطيم الأصنام التي من حولها وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشير بقضيب في يده وهو يتلو قوله تعالى : { جاء الحق وزهق الباطل إن البطل كان زهوقاً } فما أشار إلى صنم منها في وجهه إلا وقع لقفاه ولا أشار لقفاه إلا وقع لوجهه حتى ما بقي منها صنم إلا وقع .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب في هدم الكعبة وإعادة بنائها على أساس إبراهيم لولا أن قريشاً حديثو عهد بشرك وجاهلية ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : " إن قومك استقصروا من بنيان البيت , ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه , فإن بدا لقومك من بعدي لقومك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه " فأراها قريباً من سبعة أذرع . وقال صلى الله عليه وسلم " ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقيا وغربيا , وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها ؟ "قالت : لا قال : " تعززاً أن لا يدخلها إلا من أرادو , فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط " .
[/align]
تعليق