في رحاب البيت العتيق ....
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين :
في رحاب البيت العتيق ...
خرج سيدنا ابراهيم الخليل من ديار الكفر والشرك ، متخذا الارض المباركة مهاجرا ارض الشام التي باركها الله للانام...
حل ابراهيم يوما بديار مصر وهو يحمل رسالة التوحيد ، اكرم الله زوجته سارة بهدية ، انها هاجر المصرية ، فوهبتها لأبراهيم فتسراها فانجبت اسماعيل ..
ضاقت الارض على سارة بما رحبت لان جاريتها رزقت بالولد وهي لا ...
فيأتي امر الله لسيدنا ابراهيم عليه السلام ان يخرج بجاريته مهاجرا فيخرج ابراهيم مستخفيا ومعه الجارية هاجر وابنها اسماعيل ...
وهناك بالواد الامين ، المحاط بجبال فاران من ارض طيبة مباركة وتحت دوحة عظيمه ،يضع ابراهيم هاجر وطفلها ومعهم قوت يومهم وقليلا من الماء ويعود راجعا دون ان يلتفت وراءه ...
فتناديه زوجته هاجر يا ابراهيم ، فلا يلتفت وتكرر النداء يا ابراهيم ولا يرد وتنادي ثالثة ولكن لا من مجيب حتى يرتفع صوتها آلله امرك بهذا يا ابراهيم ؟؟ فيقف السيد الرحيم ويلتفت اليها قائلا : نعم ...
انظر اخي الكريم ماذا كانت ردة فعل هذه المرأة الكريمة هاجر
انظري اختي الكريمة بتمعن في هذه العبرة من التوكل على الله :
اجابته مقرورة العين : إذن اذهب فإن الله لا يضيعنا .....
يا الله يا الله !! من اي النساء انت يا هاجر ؟!!
بل من اي الرجال انت يا ابراهيم ؟بعد ان يبتعد عن انظار هاجر يستقبل مكان البيت قبل بنائه ويقول : " ربنا إني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي إاليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " .
ثم يذهب عائدا الى بلاد الشام...
نعود الى هاجر لنرى ثمرة صبرها وتوكلها وايثار ولية نعمتها سارة وتحمل الاذى في سبيل رضاها...
تترك هاجر بواد قفر موحش لا انس قريب ولا بعيد فتسأل الخليل الى من تكلنا ثم تقول له بمستوى من الايمان لن يؤتى اليه غيرها من نساء العالمين اذ تقول اذهب فإنه لا يضيعنا ...
وتمضي ليلتها الاولى بالواد الامين وبعد ان ينفذ ماء سقايتها وعطشت وعطش اسماعيل طفلها ، واخذ كبدها يتقطع وهي ترى طفلها يتلوى من شدة العطش فتنظر امامها باحثة عن الماء فلا ترى الا جبل الصفا فتذهب اليه وهو مكان مرتفع لتنظر اين تجد الماء فلا تجده فتذهب الى الجبل المقابل المروى وتكون النتيجة ذاتها بدون الماء مكررة هذا سبعة مرات فتسمع صوت غريب وترى رجل عند راس ابنها فتدنوا منه وتراه يضرب الارض بعقبه واذا بعين ماء تفور ففرحت ام اسماعيل ....
هذه عبرة لمن يعتبر هذه هي ثمرة الصبر والتوكل على العلي العظيم وحسن ظنها به عزوجل ...
اخذت هاجر تزم الماء بالتراب والحجارة تمنع سيلانها على وجه الارض خشية أن تنضب ...
ومن مكان قريب كانت احدى قبائل العرب وهي جرهم تبحث عن الماء فوجدوه عند هاجر فطلبو ا الاذن بالبقاء فأذنت لهم لكن دون ان يكون لهم حق في الماء فكانت بداية عمارة مكة بهاجر واسماعيل وقبيلة جرهم ...
كبر اسماعيل واشتد عوده واصبح شابا عاملا وراعيا ماهرا وصيادا بارعا ..
وبين الفينة والاخرى كان ابراهيم الخليل يعود ليتفقد رعيته ويتعهد تركته ...
وفي احد المرات أوحى الله تعالى في المنام الى ابراهيم ان يذبح ابنه اسماعيل قربانا ...
يا الهي ما هذا الابتلاء بعد كل هذه التضحيات والصبر يأتي الامر بذبح ابنه ، لكن ابراهيم لم يتفوه بهذا الكلام بل جاء مشاورا ابنه وعارضا عليه رؤيته " اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى "" الصافات "
فماذا يجيب اسماعيل ؟؟
" افعل ما تؤمر ستجدني ان شاءالله من الصابرين "
سبحانك يا ربي اي صبر هذا بل اي توكل هذا ...
والان حان موعد التنفيذ ويخرج سيدنا ابراهيم عليه السلام باسماعيل الى منى ليذبحه قربانا لربه حيث امره ، ولكن ما الذي حصل ساعة التنفيذ ؟؟
يناديه الله عزوجل :"وناديناه ان يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين " .الصافات
وفداه بذبح عظيم ليذبحه ويترك الولد اسماعيل وفاز بالرضى الولد والوالد
هذه هي طيبوبة الاصول تنتقل الى الفروع وقد تزهو الفروع على اصولها فهؤلاء الصابرين المتوكلين هم اجداد سيد المرسلين حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
وبعد فترة يعود ابراهيم عليه السلام ثانية ويلتقي بابنه اسماعيل قائلا يا بني ان الله امرني بأمر فقال له اسماعيل : فاصنع ما امرك ربك . فقال ابراهيم : اتعينني ؟ ( انظر اخي الكريم النقاش والتشاور بين الاب والابن ) اتعينني ؟؟
فاجاب الابن بكل رضى واعينك . قال : فإن الله امرني أن ابني ههنا بيتا واشار الى المكان الذي فيه مكة اليوم ...
"ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين " .
اخذ ابراهيم واسماعيل عليهم السلام بتنفيذ امر الله والبدء بالبناء
" وإذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب إنك أنت التواب الرحيم
وعندما ارتفع البناء اخذ ابراهيم حجرا يقف عليه فارتسمت قدماه عليه السلام على الحجر رغم صلابته ليكون عبرة واية للعالمين ، وشرع الله للمسلمين الصلاة خلفه..
" واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى " البقرة .
وعندما فرغ النبي الخليل من بناء البيت امره الله تعالى ان يؤذن في الناس بالحج :
" واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق "الحج
فصعد ابراهيم على جبل أبي قبيس ونادى باسم الله تعالى قائلا : ايها الناس ان ربكم بنى لكم بيتا فحجوه ملتفتا يمينا وشمالا ، فاسمع الله تعالى نداه كل نسمة خلقها فمن لبت حجت ومن لم تلب لم تحج أبدا ....
فبقي اسماعيل وعاش بقرب البيت وانجب 12 ولدا ومنهم نابت وهو اكبرهم وهو حلقة السلسلة الذهبية المحمدية وكان هذا ثمرة دعاء سيدنا ابراهيم :
" ربنا وابعث منهم رسولا منهم " البقرة
اللهم اجعلهم لنا قدوة في الصبر والتوكل والايمان
اللهم واجعل من ذريتنا ذرية صالحة
وادخلنا برحمتك الجنة يا الله يا رحيم
وصلى الله على سيد المرسلين محمد بن عبد الله وال بيته الطاهرين
اختكم :
وردة فلسطين
تعليق