:: من هنــا كــانت البدايــة::
كل الأديان السّماوية تُخبر عن المستقبل، وتكشف بعض مُغَيباته، وما من نبي إلا وأنبأ بالغيب. وللإخبار بالغيب صور كثيرة، بعضها يكون بالخبر المباشر والوحي الصّريح، وبعضها يكون بالرّمز الذي يحتاج إلى تحليل وتأويل. وقد يُعلم الغيب عن طريق الرؤيا الصّادقة للنبي، أو حتى لغير الأنبياء. وبعضها قد يتحقّق في زمن قريب، وبعضها يتراخى فيتحقق بعد سنين طويلة، أو حتى بعد قرون.
يؤمن المسلمون بالتوراة، لكنهم يعتقدون أنها محرّفة، أي أنهم يجزمون بوجود نسبة من الحقيقة، ومن هنا لا يبعد أن تكون هناك نبوءات توراتيّة مصدرها الوحي، وإن كانت تحتاج إلى تأويل، أو فك رموز. ونحن هنا بصدد تأويل نبوءة قرآنية سبق أن كانت نبوءة في التوراة، حيث يقول سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: (وَقَضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُنّ في الأرضِ مرتين... فَإِذا جاءَ وَعْدُ أولَاهُما... فإذا جاء وَعْدُ الآخرةِ... ) [1]
في سبعينيّات القرن الماضي، خرج علينا المدعو رشاد خليفة ببحث يتعلّق بالإعجاز العددي للقران الكريم، يقوم على العدد 19 ومضاعفاته. وقد تلقّاه الناس في البداية بالقبول والإعجاب، ثم ما لبثوا أن شعروا بانحراف الرجل، مما جعلهم يقفون موقف المعارض لبحثه، وزاد من شدّة الرّفض أنّ العدد 19 مقدس عند البهائيين.
لقد تيسر لنا بفضل الله تعالى أن ندرس البحث دراسة مستفيضة ومستقصية،[2] فوجدنا أنّ الرجل يكذب ويلفِّق الأرقام، مما جعل رفض الناس لبحثه مبرراً. ولكن اللافت للانتباه أنّ هناك مقدّمات تشير إلى وجود بناء رياضيّ يقوم على العدد 19، وهذه المقدّمات هي الجزء الصّحيح من البحث. ويبدو أنّ عدم صدق الرجل حال بينه وبين معرفة حقيقة ما تعنيه هذه المقدمات.
وبعد إعادة النّظر مرات ومرات، وجدنا أنّ هناك بناءً رياضياً معجزاً يقوم على أساس العدد 19، وهو بناء في غاية الإبداع. وقد أصدرنا عام 1990م كتابا بعنوان (عجيبة تسعة عشر بين تخلف المسلمين وضلالات المدّعين)[3] ، فصّلنا فيه هذا الإعجاز المدهش، الذي يفرض نفسه على الناس، لانّ عالم العدد يقوم على بدهيّات العقل، ولا مجال فيه للاجتهاد، أو وجهات النظر الشخصية.[4] وكان مما وجدناه أنّ العدد 19 يتكرر بشكل لافت للنظر في العلاقة القائمة بين الشمس والأرض والقمر، مما قد يشير إلى وجود قانون كوني وقرآنيّ، كيف لا، والله سبحانه خلق وهو الذي أنزل ؟!
لم نكن نتصوّر أن يكون هذا العدد هو الأساس لمعادلة تاريخية تستند إلى العدد القرآني، وتنسجم مع القوانين الفلكيّة، حتى وقعنا على محاضرة للكاتب المعروف (محمد أحمد الرّاشد) حول النظام العالمي الجديد. فكانت هي المفتاح لهذه الملاحظات التي نضعها بين يدي القارئ الكريم، والذي نرجو أن يعذرنا إن لم نذكر له أرقام صّفحات المراجع، إذ أنني أكتب من خيمتي في مرج الزهور، وقد خلّفت أوراقي ورائي في وطني[5][38]. وعلى أية حال سوف لا نحتاج إلى مراجع كثيرة، وسيكون من السّهل على القارئ أن يتحقق من كل ما ذكرناه، بالرجوع إلى القران الكريم، ثمّ ما يسمّى بالعهد القديم، وبعض المصادر التاريخية والفلكية.
لا نقول إنها نبوءة، ولا نزعم أنها ستحدُث حتماً، وإنمّا هي ملاحظات رأينا أنّه من واجبنا أن نضعها بين يدي القارئ، ثم نترك الحكم له على ضوء القناعات التي يصل إليها.
كانت البداية، كما أشرنا، محاضرةمدوّنة للكاتب (محمد أحمد الرّاشد)، تتعلق بالنظام العالمي الجديد. وقد يستغرب القارئ أن تتضمن هذه المحاضرة الجادّة الكلام الآتي، والذي ننقله بالمعنى: " عندما أُعلن عن قيام دولة إسرائيل عام 1948م، جاءت جارة، وهي عجوز يهوديّة، إلى أمّ محمّد الراشد، وهي تبكي. فلمّا سألتها أمّ الراشد عن سبب بكائها، وقد فرح اليهود، قالت: إنّ قيام هذه الدّولة سيكون سبباً في ذبح اليهود. ثم يقول الراشد إنه سمعها تقول إنّ هذه الدولة ستدوم 76 سنة. كان الراشد عندها صغيراً، وعندما كبر رأى أنّ الأمر قد يتعلق بدورة المُذنّب هالي، لأنّ مذنّب هالي، كما يقول الراشد، مرتبط بعقائد اليهود.
في البدايةلم يعجبنا الكلام، لأن المحاضرة ربما تكون أفضل لو لم تُذكر هذه الحادثة، إذ أن الناس قد اعتادوا أن يسمعوا من أفواه العجائز النّبوءات المختلقة، فأصبحوا، وعلى وجه الخصوص المثقفون منهم، ينفرون من مثل هذا الحديث. ثمّ ما لبثنا أن تنبّهنا إلى احتمال أن تكون هذه العجوز قد سمعت من الحاخامات، لأنّ العقل يستبعد احتمال أن يكون هذا الكلام من توقّعاتها، أوتحليلاتها الخاصّة. وليس هناك ما يمنع، وفق العقيدة الإسلاميّة، أن يكون لدى الحاخامات بقية من الوحي، تختلط بالكثير من أوهام البشر وأساطيرهم... وهكذا كانت البداية.
جاء في كتاب الأصوليّة اليهودية في إسرائيل: "... وهذا بالضبط هو نوع السّلام الذي تنبأ به مناحم بيغن، عندما أعلن في ذروة النجاح الإسرائيلي الظاهري في الحرب على لبنان، عندما قال: إنّ إسرائيل ستنعم بما نصّت التوراة عليه من سنوات السّلام الأربعين "[6]. فهل يشير بيغن هنا إلى النبوءة التي بدأنا بها هذا البحث ؟! فالمعروف أنّ إسرائيل قد اجتاحت لبنان عام 1982م، وعليه تكون نهاية الأربعين سنة بتاريخ: (1982+40) = 2022م[7] .
:: النبـوءة الغــامضـة ::
تدوم إسرائيل وفق النبوءة الغامضة 76 سنة، أي (19×4). ويُفترض أن تكون سنين قمريّة، لأن اليهود يتعاملون دينياً بالشهر القمري، ويضيفون كل ثلاث سنوات شهراً للتوفيق بين السنة القمريّة والشمسيّة. ومعلوم أنّ العام 1948م هو العام 1367هـ. وعلى ضوء ذلك، وإذا صحّت النبوءة، فإن إسرائيل تدوم حتى:( 1367 + 76 ) = 1443 هجري، وهذا يوافق 2022 ميلادي.
تسمّى سورة الإسراء أيضا سورة بني إسرائيل. وهي تتحدث في مطلعها عن نبوءة أنزلها الله تعالى في التوراة، وتنصّ هذه النبوءة على إفسادين لبني إسرائيل في الأرض االمقدّسة، ويكون هذا الإفساد في صورة مجتمعيّة، أو ما يسمّى اليوم بالدولة،[1] فيكون ذلك عن علو واستكبار. يقول سبحانه وتعالى : " وَءَاتَينا مُوسَى الكتابَ وجعلناهُ هدىً لبني إسرائيلَ أَلا تَتخذوا من دوني وَكيلا، ذُرّيةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إنّهُ كانَ عَبْدَاً شَكُوراً. وَقَضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُنّ في الأرضِ مرّتين وَلَتَعْلُنّ عُلواً كبيراً،... فإذا جاء َوْعدُ أولاهُما... فإذا جاءَ وَعْدُ الآخرة ِ"[2] أمّا الإفساد الأول فقد مضى قبل الإسلام، وأمّا الثاني والأخير فإن المعطيات تقول إنه الدّولة التي قامت في فلسطين عام 1948م،[3] والملاحظ أن تعبير " وعد الآخرة "،لم يرد في القرآن الكريم إلا مرّتين: الأولىعند الكلام عن الإفساد الثاني، في بداية سورة الإسراء، والثانية عند الكلام عن الإفساد نفسه، قبل نهاية سورة الإسراء في الآية 104. وعلى ضوء ذلك نقول:
إذا قمنا بِعدّ الكلمات من بداية الكلام عن النبوءة: "وآتينا موسى الكتاب" إلى آخر كلام في النّبوءة: "فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا"[4] فسوف نجد أنّ عدد الكلمات هو 1443 كلمة، وهو رقم يطابق ما خلصنا إليه في البند (1) أي: (1367 هـ + 76) = 1443هـ
هاجر الرسول، صلى الله عليه وسلم، بتاريخ 20/9/622م، ويذهب ابن حزم الظّاهري إلى أنّ العلماء قد أجمعوا على أنّ حادثة الإسراء كانت قبل الهجرة بسنة، أي عام 621 م. ومع شكّنا في صحّة القول بالإجماع، إلا أنّ الأقوال الرّاجحة لا تخرج عن هذا العام، ولا يُتصوّر تراخي نزول فواتح سورة الإسراء عن حادثة الإسراء نفسها. على ضوء ذلك، وإذا صحّت النبوءة، وكانت نهاية إسرائيل عام 1443 هجري، فإن عدد السنين القمريّة من سنة نزول النبوءة[5] إلى سنة زوال إسرائيل هو 1444 لأن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة. وإليك هذه الملاحظة: (19 × 76) = 1444. لاحظ أن 76 هو عدد السنين القمريّة لعمر دولة إسرائيل، أي أنّ المدّة الزمنيّة من وقت نزول النبوءة إلى زوال إسرائيل هي 19 ضعفاً لعمر إسرائيل المتوقّع.
توفي سليمان عليه السّلام سنة 935 ق.م، فانشقّت الدولة بعد وفاته بوقت قصير، وكان هذا الانشقاق، فيما نراه، بداية الإفساد الأول المشار إليه في فواتح سورة الإسراء. أمّا نهاية الإفساد الثاني والأخير فيتوقّع أن يكون عام 2022م الموافق 1443هـ. وعليه يكون عدد السّنين من بداية الإفساد الأول إلى حادثة الإسراء هو: (935+621) = 1556سنة شمسيّة. والمفاجأة هنا أنّ هذا هو عدد كلمات سورة الإسراء. أمّا عدد السّنين من بداية الإسراء حتى نهاية الإفساد الثاني فهو 1444 سنة قمريّة، وهو، كما قلنا، 19 ضعفاً لعمر إسرائيل المتوقّع. ويُلاحِظ القارئ أنّنا أحصينا قبل عام الإسراء سنين شمسيّة، وبعده سنين قمريّة.
وجدنا أنّ كل كلمة من كلمات سورة الإسراء تقابل سنة؛ فعدد كلمات السّورة - 1556- قابل عدد السنين من سنة وفاة سليمان عليه السلام، إلى سنة الإسراء. وترتيب كلمة لفيفا، في نبوءة سورة الإسراء، قابل العام 1443هـ الموافق 2022م. وسنجد مصداق ذلك في أمثلة أخرى من هذا الكتاب، بل إنّ هناك أمثلة كثيرة في سور متعددة تؤكّد صِدقِيّة هذا المسلك الرياضيّ. وإليك هذا المثال من سورة الكهف: تبدأ قصة الكهف بقوله تعالى: " أم حَسبتَ أنّ أصحاب الكهفِ والرّقيم...". ثمّ يكون الكلام عن مدّة لبث الفتية في الآية (25): " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنينَ وازدادوا تسعا ". ويمكن أن نقول بلغة الأرقام: "ولبثوا في كهفهم 309 ". على ضوء ذلك نقول: إذا بدأنا العدّ من بداية القصّة: " أم حسبت أنّ..." فسنجد أنّ ترتيب الكلمة التي تأتي بعد عبارة: " ولبثوا في كهفهم..." هو (309)، وهذا يعني أنّ كل كلمة قابلت سنة. في المقابل لاحظنا سابقاً أنّ كل حرف من حروف سورة سبأ قابلت سنة.
كل الأديان السّماوية تُخبر عن المستقبل، وتكشف بعض مُغَيباته، وما من نبي إلا وأنبأ بالغيب. وللإخبار بالغيب صور كثيرة، بعضها يكون بالخبر المباشر والوحي الصّريح، وبعضها يكون بالرّمز الذي يحتاج إلى تحليل وتأويل. وقد يُعلم الغيب عن طريق الرؤيا الصّادقة للنبي، أو حتى لغير الأنبياء. وبعضها قد يتحقّق في زمن قريب، وبعضها يتراخى فيتحقق بعد سنين طويلة، أو حتى بعد قرون.
يؤمن المسلمون بالتوراة، لكنهم يعتقدون أنها محرّفة، أي أنهم يجزمون بوجود نسبة من الحقيقة، ومن هنا لا يبعد أن تكون هناك نبوءات توراتيّة مصدرها الوحي، وإن كانت تحتاج إلى تأويل، أو فك رموز. ونحن هنا بصدد تأويل نبوءة قرآنية سبق أن كانت نبوءة في التوراة، حيث يقول سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: (وَقَضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُنّ في الأرضِ مرتين... فَإِذا جاءَ وَعْدُ أولَاهُما... فإذا جاء وَعْدُ الآخرةِ... ) [1]
في سبعينيّات القرن الماضي، خرج علينا المدعو رشاد خليفة ببحث يتعلّق بالإعجاز العددي للقران الكريم، يقوم على العدد 19 ومضاعفاته. وقد تلقّاه الناس في البداية بالقبول والإعجاب، ثم ما لبثوا أن شعروا بانحراف الرجل، مما جعلهم يقفون موقف المعارض لبحثه، وزاد من شدّة الرّفض أنّ العدد 19 مقدس عند البهائيين.
لقد تيسر لنا بفضل الله تعالى أن ندرس البحث دراسة مستفيضة ومستقصية،[2] فوجدنا أنّ الرجل يكذب ويلفِّق الأرقام، مما جعل رفض الناس لبحثه مبرراً. ولكن اللافت للانتباه أنّ هناك مقدّمات تشير إلى وجود بناء رياضيّ يقوم على العدد 19، وهذه المقدّمات هي الجزء الصّحيح من البحث. ويبدو أنّ عدم صدق الرجل حال بينه وبين معرفة حقيقة ما تعنيه هذه المقدمات.
وبعد إعادة النّظر مرات ومرات، وجدنا أنّ هناك بناءً رياضياً معجزاً يقوم على أساس العدد 19، وهو بناء في غاية الإبداع. وقد أصدرنا عام 1990م كتابا بعنوان (عجيبة تسعة عشر بين تخلف المسلمين وضلالات المدّعين)[3] ، فصّلنا فيه هذا الإعجاز المدهش، الذي يفرض نفسه على الناس، لانّ عالم العدد يقوم على بدهيّات العقل، ولا مجال فيه للاجتهاد، أو وجهات النظر الشخصية.[4] وكان مما وجدناه أنّ العدد 19 يتكرر بشكل لافت للنظر في العلاقة القائمة بين الشمس والأرض والقمر، مما قد يشير إلى وجود قانون كوني وقرآنيّ، كيف لا، والله سبحانه خلق وهو الذي أنزل ؟!
لم نكن نتصوّر أن يكون هذا العدد هو الأساس لمعادلة تاريخية تستند إلى العدد القرآني، وتنسجم مع القوانين الفلكيّة، حتى وقعنا على محاضرة للكاتب المعروف (محمد أحمد الرّاشد) حول النظام العالمي الجديد. فكانت هي المفتاح لهذه الملاحظات التي نضعها بين يدي القارئ الكريم، والذي نرجو أن يعذرنا إن لم نذكر له أرقام صّفحات المراجع، إذ أنني أكتب من خيمتي في مرج الزهور، وقد خلّفت أوراقي ورائي في وطني[5][38]. وعلى أية حال سوف لا نحتاج إلى مراجع كثيرة، وسيكون من السّهل على القارئ أن يتحقق من كل ما ذكرناه، بالرجوع إلى القران الكريم، ثمّ ما يسمّى بالعهد القديم، وبعض المصادر التاريخية والفلكية.
لا نقول إنها نبوءة، ولا نزعم أنها ستحدُث حتماً، وإنمّا هي ملاحظات رأينا أنّه من واجبنا أن نضعها بين يدي القارئ، ثم نترك الحكم له على ضوء القناعات التي يصل إليها.
كانت البداية، كما أشرنا، محاضرةمدوّنة للكاتب (محمد أحمد الرّاشد)، تتعلق بالنظام العالمي الجديد. وقد يستغرب القارئ أن تتضمن هذه المحاضرة الجادّة الكلام الآتي، والذي ننقله بالمعنى: " عندما أُعلن عن قيام دولة إسرائيل عام 1948م، جاءت جارة، وهي عجوز يهوديّة، إلى أمّ محمّد الراشد، وهي تبكي. فلمّا سألتها أمّ الراشد عن سبب بكائها، وقد فرح اليهود، قالت: إنّ قيام هذه الدّولة سيكون سبباً في ذبح اليهود. ثم يقول الراشد إنه سمعها تقول إنّ هذه الدولة ستدوم 76 سنة. كان الراشد عندها صغيراً، وعندما كبر رأى أنّ الأمر قد يتعلق بدورة المُذنّب هالي، لأنّ مذنّب هالي، كما يقول الراشد، مرتبط بعقائد اليهود.
في البدايةلم يعجبنا الكلام، لأن المحاضرة ربما تكون أفضل لو لم تُذكر هذه الحادثة، إذ أن الناس قد اعتادوا أن يسمعوا من أفواه العجائز النّبوءات المختلقة، فأصبحوا، وعلى وجه الخصوص المثقفون منهم، ينفرون من مثل هذا الحديث. ثمّ ما لبثنا أن تنبّهنا إلى احتمال أن تكون هذه العجوز قد سمعت من الحاخامات، لأنّ العقل يستبعد احتمال أن يكون هذا الكلام من توقّعاتها، أوتحليلاتها الخاصّة. وليس هناك ما يمنع، وفق العقيدة الإسلاميّة، أن يكون لدى الحاخامات بقية من الوحي، تختلط بالكثير من أوهام البشر وأساطيرهم... وهكذا كانت البداية.
جاء في كتاب الأصوليّة اليهودية في إسرائيل: "... وهذا بالضبط هو نوع السّلام الذي تنبأ به مناحم بيغن، عندما أعلن في ذروة النجاح الإسرائيلي الظاهري في الحرب على لبنان، عندما قال: إنّ إسرائيل ستنعم بما نصّت التوراة عليه من سنوات السّلام الأربعين "[6]. فهل يشير بيغن هنا إلى النبوءة التي بدأنا بها هذا البحث ؟! فالمعروف أنّ إسرائيل قد اجتاحت لبنان عام 1982م، وعليه تكون نهاية الأربعين سنة بتاريخ: (1982+40) = 2022م[7] .
:: النبـوءة الغــامضـة ::
تدوم إسرائيل وفق النبوءة الغامضة 76 سنة، أي (19×4). ويُفترض أن تكون سنين قمريّة، لأن اليهود يتعاملون دينياً بالشهر القمري، ويضيفون كل ثلاث سنوات شهراً للتوفيق بين السنة القمريّة والشمسيّة. ومعلوم أنّ العام 1948م هو العام 1367هـ. وعلى ضوء ذلك، وإذا صحّت النبوءة، فإن إسرائيل تدوم حتى:( 1367 + 76 ) = 1443 هجري، وهذا يوافق 2022 ميلادي.
تسمّى سورة الإسراء أيضا سورة بني إسرائيل. وهي تتحدث في مطلعها عن نبوءة أنزلها الله تعالى في التوراة، وتنصّ هذه النبوءة على إفسادين لبني إسرائيل في الأرض االمقدّسة، ويكون هذا الإفساد في صورة مجتمعيّة، أو ما يسمّى اليوم بالدولة،[1] فيكون ذلك عن علو واستكبار. يقول سبحانه وتعالى : " وَءَاتَينا مُوسَى الكتابَ وجعلناهُ هدىً لبني إسرائيلَ أَلا تَتخذوا من دوني وَكيلا، ذُرّيةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إنّهُ كانَ عَبْدَاً شَكُوراً. وَقَضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُنّ في الأرضِ مرّتين وَلَتَعْلُنّ عُلواً كبيراً،... فإذا جاء َوْعدُ أولاهُما... فإذا جاءَ وَعْدُ الآخرة ِ"[2] أمّا الإفساد الأول فقد مضى قبل الإسلام، وأمّا الثاني والأخير فإن المعطيات تقول إنه الدّولة التي قامت في فلسطين عام 1948م،[3] والملاحظ أن تعبير " وعد الآخرة "،لم يرد في القرآن الكريم إلا مرّتين: الأولىعند الكلام عن الإفساد الثاني، في بداية سورة الإسراء، والثانية عند الكلام عن الإفساد نفسه، قبل نهاية سورة الإسراء في الآية 104. وعلى ضوء ذلك نقول:
إذا قمنا بِعدّ الكلمات من بداية الكلام عن النبوءة: "وآتينا موسى الكتاب" إلى آخر كلام في النّبوءة: "فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا"[4] فسوف نجد أنّ عدد الكلمات هو 1443 كلمة، وهو رقم يطابق ما خلصنا إليه في البند (1) أي: (1367 هـ + 76) = 1443هـ
هاجر الرسول، صلى الله عليه وسلم، بتاريخ 20/9/622م، ويذهب ابن حزم الظّاهري إلى أنّ العلماء قد أجمعوا على أنّ حادثة الإسراء كانت قبل الهجرة بسنة، أي عام 621 م. ومع شكّنا في صحّة القول بالإجماع، إلا أنّ الأقوال الرّاجحة لا تخرج عن هذا العام، ولا يُتصوّر تراخي نزول فواتح سورة الإسراء عن حادثة الإسراء نفسها. على ضوء ذلك، وإذا صحّت النبوءة، وكانت نهاية إسرائيل عام 1443 هجري، فإن عدد السنين القمريّة من سنة نزول النبوءة[5] إلى سنة زوال إسرائيل هو 1444 لأن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة. وإليك هذه الملاحظة: (19 × 76) = 1444. لاحظ أن 76 هو عدد السنين القمريّة لعمر دولة إسرائيل، أي أنّ المدّة الزمنيّة من وقت نزول النبوءة إلى زوال إسرائيل هي 19 ضعفاً لعمر إسرائيل المتوقّع.
توفي سليمان عليه السّلام سنة 935 ق.م، فانشقّت الدولة بعد وفاته بوقت قصير، وكان هذا الانشقاق، فيما نراه، بداية الإفساد الأول المشار إليه في فواتح سورة الإسراء. أمّا نهاية الإفساد الثاني والأخير فيتوقّع أن يكون عام 2022م الموافق 1443هـ. وعليه يكون عدد السّنين من بداية الإفساد الأول إلى حادثة الإسراء هو: (935+621) = 1556سنة شمسيّة. والمفاجأة هنا أنّ هذا هو عدد كلمات سورة الإسراء. أمّا عدد السّنين من بداية الإسراء حتى نهاية الإفساد الثاني فهو 1444 سنة قمريّة، وهو، كما قلنا، 19 ضعفاً لعمر إسرائيل المتوقّع. ويُلاحِظ القارئ أنّنا أحصينا قبل عام الإسراء سنين شمسيّة، وبعده سنين قمريّة.
وجدنا أنّ كل كلمة من كلمات سورة الإسراء تقابل سنة؛ فعدد كلمات السّورة - 1556- قابل عدد السنين من سنة وفاة سليمان عليه السلام، إلى سنة الإسراء. وترتيب كلمة لفيفا، في نبوءة سورة الإسراء، قابل العام 1443هـ الموافق 2022م. وسنجد مصداق ذلك في أمثلة أخرى من هذا الكتاب، بل إنّ هناك أمثلة كثيرة في سور متعددة تؤكّد صِدقِيّة هذا المسلك الرياضيّ. وإليك هذا المثال من سورة الكهف: تبدأ قصة الكهف بقوله تعالى: " أم حَسبتَ أنّ أصحاب الكهفِ والرّقيم...". ثمّ يكون الكلام عن مدّة لبث الفتية في الآية (25): " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنينَ وازدادوا تسعا ". ويمكن أن نقول بلغة الأرقام: "ولبثوا في كهفهم 309 ". على ضوء ذلك نقول: إذا بدأنا العدّ من بداية القصّة: " أم حسبت أنّ..." فسنجد أنّ ترتيب الكلمة التي تأتي بعد عبارة: " ولبثوا في كهفهم..." هو (309)، وهذا يعني أنّ كل كلمة قابلت سنة. في المقابل لاحظنا سابقاً أنّ كل حرف من حروف سورة سبأ قابلت سنة.
تعليق