<b>
أنا كالعصفور ...
والعصفور صديقي ...
قديماً حين كنت طفلة صغيرة
نظرت إلى عصفور طائر
نظر إليَّ بدوره ولم نتحدث بل تبسمنا فقط
أغمضت عيني حينها وحلمت ...
تمنيت أن أصبح عصفوراً
رأيته ينعم بالحرية والانطلاق
يصبو إلى مكان فيذهب إليه دون قيد أو شرط
كلما إمتدت يدي لتقترب منه
حلق بعيدا وصار صعب المنال
ضحكت وصعدت ضحكتي للسماء
فصرت أدور وتدور الدنيا من حولي
أرفرف بيداي كالعصفور
أجري وأسبق الدنيا من خلفي
تركت النسيم يقبل وجنتيَّ
مارا مداعبا لخصلات شعري
تطير خلفي وعيناي محلقة في السماء
أشير بأناملي الصغيرة إلي النجوم
أقف على أطراف أصابعي كأني سألمسها
فلقد علمني عصفوري أن كل شئ مباح
علمني حب الحياه
علمني الحريه
علمني الابتسامه الصافيه
علمني أحلم ...
وكبرت ووسعت الدنيا من حولي
فوجدت الابتسامة تقل
والدمع يعرف طريقه على وجنتيَّ
اللاتي طالما عانقهما النسيم
تدور الدنيا والآن أدور معها
أبحث عن العصفور ...
أراه مازال محلقا بعيدا
أغلقت على نفسي وفقدت العصفور
ذهب عني ولم أجده
سألت الناس عنه
قالوا ما عرفناه ، ما رأيناه ...
وظل العمر يمر بي حتى أفقت في يوم
وجدت فيه عصفوري سجين
سجين قفص لن يفرق إن كان ذهبا أم من حديد
إقتربت منه كثيرا
مددت يدي كي ألمسه
وجدت سورا حائلا بيني وبينه
أرى اللهفة في عينيك يا صديقي
ولا أدري أهيَّ لهفة للحريه
أم لهفة لعناقي ؟؟
وجدت الجميع من حولك يحبونك
يعشقون غناؤك
ولكنهم حين أحبوك سجنوك
وحبسوا معك كل حلم بالانعتاق
كل ذرة أمل في الاسترخاء على أغصان الأشجار
تنوح في سجنك بعلو صوتك
يحسبوا نوحك غناء
يرقصون ويتمايلون على ألحان أشجانك
فما أنت قادر على أن تفهمهم أنينك
ولا هم قادرون على ألا يستمتعوا بعذب صوتك
وجدت نفسي وبعد كل ذلك العمر الذي إنقضى
مازلت أشبهك مازلنا أصدقاء
عشت فيك وعشت معي سنون عمري
مراحل حياتي جمها
بحزنها وفرحها وأسرها
بجنونها وبكائها وسجنها
ولكني تنبهت اليوم لأمر أخير
أنت مثلي وأنا مثلك
ولكني لست للإقتناء
لن أباع ولن أُشترى
كما فعلت أنت بنفسك
وحين أُسجَنُ يا رفيقي
سأخطو إلى سجني محافظة على بسمتي
ولن أعطي زماني فرصة أن يشمت بي
لك الآن الأمر يا صديقي إما أن ترضى بسجنك
أو تبقى ناقما طوال العمر
فتشقى وينقضي بك الأجل سريعا
نصيحة رفيق من قلبي
كن مثلي لأني بعد الآن لن أكن مثلك
و سأكررها عليك للمرة الأخيرة
أنا لست للإقتناء ...
أنا والعصفور صديقي ...
فائق إحترامي وتقديري
تعليق