واقع الأمة الإسلامية وحالها يعبر بكل دقة عن الفصام النكد بينها وبين شريعة الرحمن, حيث أصبحت الشعائر الإسلامية مرتبطة في أذهان معظم الشعوب إما ببدع أو مظاهر دنيوية, مبتعدة كل البعد في ضمائر الشعوب عن جوهر تشريع هذه الشعائر ومراد الرحمن منها.
يظهر ذلك بجلاء في رمضان الذي ارتبط في أذهان الكثير من الشعوب بمظاهر دنيوية بحتة منها المحرم ومنها المباح, حيث يتراوح ارتباط رمضان في أذهان الكثير من العامة في مصر مثلاً بين الفوازير والأفلام والسهرات الرمضانية, وعند العامة أيضاً يرتبط رمضان بأكلات معينة مثل الكنافة والقطائف, وعند الأطفال يرتبط رمضان بالفوانيس ومدفع رمضان.
بينما يرتبط رمضان في الخليج العربي مثلاً في أذهان كثير من العامة بمسلسلات مثل طاش ما طاش وبأكلات مثل السمبوسة وشوربة الشوفان, ولو بحثنا في كل أصقاع العالم الإسلامي لوجدنا نفس النماذج العربية مع اختلاف المسميات فقط حيث ارتبط رمضان في أذهان الكثير من الشعوب ببعض الأطعمة والأشربة وبعض الأعمال الفضائية أو التليفزيونية المحلية التي تتنافي تماماً مع مراد الرحمن من تشريع صيام هذا الشهر الفضيل وقيامه.
وفي المجمل فقد جعل الكثير من الناس هذا الشهر العظيم شهر دنيا وشهوات بدلاً من كونه شهر تقشف وزهد وعبادات.
وهذا يعاكس تماماً حال زعيم هذه الأمة وسيدها أشرف الخلق بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه القائل: «مالي وللدنيا، إنما أنا كرجل قال تحت ظل الشجرة ثم راح وتركها» [الراوي: عبدالله بن مسعود - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة].
فكان هذا حاله صلى الله عليه وسلم طوال العام يحيا حياة الغرباء أما في رمضان فكان الحال يزداد ارتباطاً بالآخرة وابتعاداً عن الدنيا وتقرباً إلى الله تعالى.
فتجد هذا القرب من الله والابتعاد عن الدنيا في كل حركاته وسكناته في رمضان ليكون بحق موسما للقرب والمحبة فيظهر ذلك في صيامه وقيامه وصدقته وزهده ومحبته للخليل وخلوته بالتنزيل وبرب التنزيل: قال صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، قال الله عز وجل: إلا الصوم؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان؛ فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك» [الراوي: أبو هريرة و زيد بن خالد الجهني - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع] وقال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]، ولا شك أن هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن الطعام والشراب فقط مع مقارفته للعديد من الموبقات حيث يصوم الفم ولا تصوم باقي الجوارح، وإنما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [أخرجه البخاري]. وقال صلى الله عليه وسلم: «الصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، فإن سابّه أحد فليقل إني امرؤ صائم» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب].
هذا لب الصيام وجوهره فأين هذا من مظاهر رمضان اليوم في المجتمعات الإسلامية؟؟!!
وبينما تقضي غالبية الشعوب الإسلامية رمضان مابين لهو ومباح كان معلمها يقضيها قائماً: تقول عائشة رضي الله عنها: "لا تدع قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً".
وقال صلى الله عليه وسلم عن فضل قيام رمضان: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري ومسلم].
وكما كان صواماً قواماً كان ينوع العبادات في رمضان تقرباً للرحمن، وكان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة.. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الجامع].
هذا حاله صلى الله عليه وسلم مع الصدقة والجود في رمضان بينما نجد اليوم مجتمعات بأكملها تشتكي الجوع والفقر وتبيع الشرف الغالي من أجل قوت الونزوات,الأمة من تقدر زكاة ماله بميزانية دولة نامية فإلى الله المشتكى, أين هؤلاء من حال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين وصف لنا النبي حال بعضهم قائلاً : «إن الأشعريين إذا أرملوا (أي فرغ زادهم أو قارب الفراغ) في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة, جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية, فهم مني وأنا منهم» [رواه البخاري].
رمضان شهر عظيم لا يعلم المرء منا هل سيأتي عليه مثله مرة أخرى في العمر أم لا، لذا علينا أن ننتهز اصطفاء الملك لنا ببلوغ رمضان ونجتهد في إضاءة قلوبنا بنور الطاعة وإضاءة مجتمعاتنا بشمس الشريعة علماً وعملاً ودعوة وتطبيقاً, وأن نجعل من رمضان بداية جديدة وجذوة لا تنطفئ بعده وإنما يبقى أثرها لآخر العمر إن شاء الله حتى يلق كل منا ربه بقلب طاهر سليم.
ولنعلم أن إصلاح المجتمعات يبدأ من الأفراد وأن انتصار الأمم يبدأ من انتصار الآحاد, فلينتصر كل منا على نفسه وهواه وشيطانه, وليرق بنفسه ويعلو بهمته وليعلم أنه على ثغر فإن سد ثغره لن يجد العدو في الأمة ثغراً ينفذ إليها منه.
فتغيير المجتمعات يبدأ بتغيير سلوك الأفراد فهل بدأنا بتحطيم أصنام السلوك المتوارث وهدم أسوار العادات البالية التي جعلت من رمضان شهر شهوات ونزوات, حتى نعود به لأصله ومقصد الرحمن من تشريع صيامه {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183].
هذه دعوة من محب إلى أمة عظيمة: أنت يا أمتي والله قادرة على العودة وبقوة وفيك من الخير الكثير فقومي وبادري ولا تتباطئي أو تسوفي, ولنبدأ بتصحيح مسالكنا في رمضان ليمتد التصحيح لسائر العام.
وكل عام وأنتم بخير.
يظهر ذلك بجلاء في رمضان الذي ارتبط في أذهان الكثير من الشعوب بمظاهر دنيوية بحتة منها المحرم ومنها المباح, حيث يتراوح ارتباط رمضان في أذهان الكثير من العامة في مصر مثلاً بين الفوازير والأفلام والسهرات الرمضانية, وعند العامة أيضاً يرتبط رمضان بأكلات معينة مثل الكنافة والقطائف, وعند الأطفال يرتبط رمضان بالفوانيس ومدفع رمضان.
بينما يرتبط رمضان في الخليج العربي مثلاً في أذهان كثير من العامة بمسلسلات مثل طاش ما طاش وبأكلات مثل السمبوسة وشوربة الشوفان, ولو بحثنا في كل أصقاع العالم الإسلامي لوجدنا نفس النماذج العربية مع اختلاف المسميات فقط حيث ارتبط رمضان في أذهان الكثير من الشعوب ببعض الأطعمة والأشربة وبعض الأعمال الفضائية أو التليفزيونية المحلية التي تتنافي تماماً مع مراد الرحمن من تشريع صيام هذا الشهر الفضيل وقيامه.
وفي المجمل فقد جعل الكثير من الناس هذا الشهر العظيم شهر دنيا وشهوات بدلاً من كونه شهر تقشف وزهد وعبادات.
وهذا يعاكس تماماً حال زعيم هذه الأمة وسيدها أشرف الخلق بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه القائل: «مالي وللدنيا، إنما أنا كرجل قال تحت ظل الشجرة ثم راح وتركها» [الراوي: عبدالله بن مسعود - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة].
فكان هذا حاله صلى الله عليه وسلم طوال العام يحيا حياة الغرباء أما في رمضان فكان الحال يزداد ارتباطاً بالآخرة وابتعاداً عن الدنيا وتقرباً إلى الله تعالى.
فتجد هذا القرب من الله والابتعاد عن الدنيا في كل حركاته وسكناته في رمضان ليكون بحق موسما للقرب والمحبة فيظهر ذلك في صيامه وقيامه وصدقته وزهده ومحبته للخليل وخلوته بالتنزيل وبرب التنزيل: قال صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، قال الله عز وجل: إلا الصوم؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان؛ فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك» [الراوي: أبو هريرة و زيد بن خالد الجهني - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع] وقال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]، ولا شك أن هذا الثواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن الطعام والشراب فقط مع مقارفته للعديد من الموبقات حيث يصوم الفم ولا تصوم باقي الجوارح، وإنما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [أخرجه البخاري]. وقال صلى الله عليه وسلم: «الصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، فإن سابّه أحد فليقل إني امرؤ صائم» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب].
هذا لب الصيام وجوهره فأين هذا من مظاهر رمضان اليوم في المجتمعات الإسلامية؟؟!!
وبينما تقضي غالبية الشعوب الإسلامية رمضان مابين لهو ومباح كان معلمها يقضيها قائماً: تقول عائشة رضي الله عنها: "لا تدع قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً".
وقال صلى الله عليه وسلم عن فضل قيام رمضان: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه» [أخرجه البخاري ومسلم].
وكما كان صواماً قواماً كان ينوع العبادات في رمضان تقرباً للرحمن، وكان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة.. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الجامع].
هذا حاله صلى الله عليه وسلم مع الصدقة والجود في رمضان بينما نجد اليوم مجتمعات بأكملها تشتكي الجوع والفقر وتبيع الشرف الغالي من أجل قوت الونزوات,الأمة من تقدر زكاة ماله بميزانية دولة نامية فإلى الله المشتكى, أين هؤلاء من حال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين وصف لنا النبي حال بعضهم قائلاً : «إن الأشعريين إذا أرملوا (أي فرغ زادهم أو قارب الفراغ) في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة, جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية, فهم مني وأنا منهم» [رواه البخاري].
رمضان شهر عظيم لا يعلم المرء منا هل سيأتي عليه مثله مرة أخرى في العمر أم لا، لذا علينا أن ننتهز اصطفاء الملك لنا ببلوغ رمضان ونجتهد في إضاءة قلوبنا بنور الطاعة وإضاءة مجتمعاتنا بشمس الشريعة علماً وعملاً ودعوة وتطبيقاً, وأن نجعل من رمضان بداية جديدة وجذوة لا تنطفئ بعده وإنما يبقى أثرها لآخر العمر إن شاء الله حتى يلق كل منا ربه بقلب طاهر سليم.
ولنعلم أن إصلاح المجتمعات يبدأ من الأفراد وأن انتصار الأمم يبدأ من انتصار الآحاد, فلينتصر كل منا على نفسه وهواه وشيطانه, وليرق بنفسه ويعلو بهمته وليعلم أنه على ثغر فإن سد ثغره لن يجد العدو في الأمة ثغراً ينفذ إليها منه.
فتغيير المجتمعات يبدأ بتغيير سلوك الأفراد فهل بدأنا بتحطيم أصنام السلوك المتوارث وهدم أسوار العادات البالية التي جعلت من رمضان شهر شهوات ونزوات, حتى نعود به لأصله ومقصد الرحمن من تشريع صيامه {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183].
هذه دعوة من محب إلى أمة عظيمة: أنت يا أمتي والله قادرة على العودة وبقوة وفيك من الخير الكثير فقومي وبادري ولا تتباطئي أو تسوفي, ولنبدأ بتصحيح مسالكنا في رمضان ليمتد التصحيح لسائر العام.
وكل عام وأنتم بخير.