على غير عادتي اليوم لم استطع كتابة مدونة مسائية، هناك أمر ما يشغل فكري، أمرا لا استطيع البوح به الآن...

ومضة أو شهقة روح، حب يلوح في الأفق...

يقال إن الحب لا يعرف الوقت ولا يعرف الحدود ولا يعرف الفوارق ولا العمر، وحين يأتي يدخل قلوبنا بدون استئذان، ويدخل بيوتنا بدون ان يطرق الباب...

إذا كان ماركيز يقول إن لا شيء أصعب من الحب في هذا العالم، في روايته "الحب في زمن الكوليرا"، وهو نفسه الذي تمنى أن يكتب رواية على غرار رواية "الجميلات النائمات"، للياباني الرائع ياسوناري كواباتا، وقد فعلها ماركيز مرتان، فمرة كتب قصة قصيرة عن فتاة شابة رافقته على متن الطائرة وبقي طوال الرحل يتأملها، ثم كتب روايته الأخيرة "ذكريات غانياتي الحزينات".

لماذا اشعر أنني تقدمت في العمر، وان الحب لم يعد صالحا لي، هل حقا إن الإنسان الذي يتقدم به العمر، لا يحق له أن يشعر بالحب. وكل ما يحق له أن ينظر فقط إلى من هم حوله كما فعل كواباتا وماركيز..

اذكر أن أهلنا كانوا يسخرون من كل رجل كبير بالسن لمجرد انه يحاول أن يعتني بنفسه فكيف لو انه تجرأ ووقع في الغرام حينها سيقولون عنه "شايب وعايب"، والكبير بالسن عندهم ربما لا يتجاوز الأربعين...

عند أهلنا، لا يقف الأمر عند حدود السخرية من رجل كبير في السن يقع في الحب، بل ان كل فكرة إظهار المشاعر من الرجل نحو المرأة تدخل في نطاق العيب، بربكم كم واحد منا شاهد والده يقبل والدته أو يقول لها "بحبك" أو يهديها شيئا أمام الأولاد...

حتى الآن لا زلت أجد صعوبة في قول كلمة "احبك" للمرأة التي ربما أكون بيني وبين نفسي اعشقها، وحتى الآن اسمع من بعض الأصدقاء كلاما عن ضرورة عدم البوح بالمشاعر الحقيقية أمام المرأة، وبضرورة عدم "تدليلها"...

لم اسمع مرة احد الأصدقاء يقول لي انه يحب زوجته، أو يبوح بصراحة عن مشاعره، لم أر صديقا واحدا في مرة من المرات يحاول أن يشتري وردا لزوجته...

كنت أرى بعض أصدقائي عندما يحاولون أن يقوموا بعمل شيء ما جميل لزوجاتهم يتصرفون كاللصوص...

كنت اسمع أهلي يقولون، فلان محكوم لزوجته، وكنت أرى هذا المحكوم عبارة عن رجل مقل في الخروج من بيته، لا يرفع صوته في وجه زوجته...
ربما أن الإنسان عند أهلنا يصبح مثل "خيول الانكليز" عندما يتجاوز العقد الثالث من العمر، وخيول الانكليز هذه كانت تقتل عندما تهرم في السن، فيما يريدون لنا أن نكون كـ"رجل ميت يمشي"...

بتعرفو شي، شكرا لوسائل الاتصال الحديثة، التلفون والموبايل والانترنت، يمكن عبرها بكون الإنسان أكثر جرأة في التعبير عن مشاعره، بس لما يصير وجها لوجهة أمام من يحب ينعقد لسانه ويحمر وجهة وتتعطل لغة الكلام، ولغة العيون...


و شكرا