لهداية منحة سماوية
بدأ فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي درس التراويح مساء أول أمس وبعد غياب أيام في الجامع الكبير أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ بقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه: مسكين ابن آدم يؤلمه البقة، وتقتله الشقة، وتمكنه العقة، مبينا ان البقة حشرة معروفة، وأنه لا يعلم في ذاك العصر ان كائنا اصغر منها نعرفه اليوم هي الفيروسات، والتي لا ترى بالعين المجردة إلا بعد تكبيرها مرات، وهو بذلك يبين ان الإنسان ضعيف مهما علا شأنه وجبروته، ويصبح غير قادر على الحركة والتصرف عندما تصيبه أتفه الأمور.
وعرج إلى نموذجين من البشر هما: مؤمن في آل فرعون، وكافر في قوم موسى، وذكرا في سور القرآن الكريم، ليبين الله عز وجل بهما ان كل مجتمع فيه من هذه النماذج، وما دامت تكررت في عهود سابقة فهذا لا يمنع من تكرارها في عصرنا الحالي،
وتحدث عن فضل سورة غافر التي بدأها الله باسم السورة وبقوله تعالى «غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب»، مبينا ان اسم غافر نسبة لهذه البداية، أما الاسم الثاني فهو المؤمن، لقوله تعالى «مؤمن من آل فرعون» لذلك هي جديرة بهذا الاسم، وان هذه الشخصية عني بها القرآن وبذكرها واهميتها، وحرص على ذكر المحمود والمذموم، ومنها المرضي عند الله ومن هذه النماذج الحية نموذج مؤمن من آل فرعون، وأضاف ان هذا النموذج مثله في سورة الكهف لقوله تعالى «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى»، ومؤمن في سورة «يس» مؤكدا ان هذه النماذج ليست للمتعة انما ليتأسى بها المسلمون في كل وقت، وحتى لا يظن الناس انها مستحيلة الوقوع، فهي واقعة في التاريخ القديم، وغير مستبعد ان تحدث في التاريخ المعاصر.
وأشار إلى قصة رجل كاسر من آل موسى، وهو قارون الرجل الطاغية والجبار، وقد اهلكه الله‚ وخسف به الأرض، حتى ان الله عز وجل ذكره مع فرعون وهامان، لقوله تعالى «ولقد ارسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب»، وأوضح تفسير هذه الأثير‚ فقال د‚ القرضاوي: ان فرعون ممثل السلطة السياسية المتألهة في الأرض لقوله تعالى «أنا ربكم الأعلى ما علمت لكم من إله غيري»، وقد وجد من يصدقه واطاعه قومه، أما قارون فهو يمثل السلطة المالية والاقتصادية الكانزة لمال الله، لقوله تعالى «إنما أوتيته على علم عندي» وهامان هو الواسطة بين السلطة السياسية والاقتصادية، وهي الشخصية الانتهازية التي تخدم الفرعونية والقارونية وهو اداة لهما،واضاف انه مع هذا الأمر ظهر مؤمن في آل فرعون، وحتى زوجته كانت مؤمنة لقوله تعالى «ربي ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين»، وبالفعل هيأ لها الله ان تكون حماية لموسى من بطشه وقتله وقالت: لا تقتلوه عسى ان ينفعنا أو نتخذه ولدا، فالهداية من الله فقد يكون الاب كافرا والابن مؤمنا مثل ابراهيم ووالده، أو الزوج كافر وزوجته مؤمنة مثل فرعون وزوجته، ووصف الهداية بأنها منحة سماوية من الله عز وجل لخلقه‚ لقوله تعالى «إنك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء»، وقوله تعالى في حديث فرعون «ذروني اقتل موسى وليدع ربه اني اخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد».
وعرج فضيلته إلى كتمان الايمان والدفاع عنه لمصلحة تقتضي ذلك‚ فقال: ان المؤمن قد يجد في كتمان الايمان مناعة، واذا كان لمصلحة تقتضي ذلك حتى في العقيدة مستشهدا بسيدنا يعقوب في قوله تعالى «يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا» فالايمان يكتم عند اللزوم، ويظهر في الضرورة، وقوله تعالى «اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم»، وأكد ان قوله تعالى «ربي الله» هي خلاصة الهداية، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «قل آمنت بالله قل ربي الله ثم استقم»، وحذر من الارباب الزائفة التي يتخذها البعض في الحجر والبشر والاهواء والشجر، لقوله تعالى «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا».
وبين ان منطق الطغاة والمستكبرين عن عبادته هو تبديل الخير والحق والهدى بالفساد، وكان الله يذكرهم دوما بالاقوام السابقين مثل عاد وثمود ونوح لقوله تعالى «واخذهم الله، اخذ عزيز مقتدر»، وكان يفزعهم من المستقبل لقوله تعالى «إني اخاف عليكم يوم التناد»، وحث فضيلة العلامة القرضاوي المصلين في ختام درس التراويح على تطبيق الوعظ والدعوة، وان الدنيا متاع والآخرة هي دار القرار، مبينا ان الدعوة هي اخذهم بالرفق الحكمة، كما جاء ذلك في قوله تعالى «يا قوم» ولقوله تعالى «ان الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب».
المصدر جريدة الوطن القطرية
جنين القسام
بدأ فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي درس التراويح مساء أول أمس وبعد غياب أيام في الجامع الكبير أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ بقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه: مسكين ابن آدم يؤلمه البقة، وتقتله الشقة، وتمكنه العقة، مبينا ان البقة حشرة معروفة، وأنه لا يعلم في ذاك العصر ان كائنا اصغر منها نعرفه اليوم هي الفيروسات، والتي لا ترى بالعين المجردة إلا بعد تكبيرها مرات، وهو بذلك يبين ان الإنسان ضعيف مهما علا شأنه وجبروته، ويصبح غير قادر على الحركة والتصرف عندما تصيبه أتفه الأمور.
وعرج إلى نموذجين من البشر هما: مؤمن في آل فرعون، وكافر في قوم موسى، وذكرا في سور القرآن الكريم، ليبين الله عز وجل بهما ان كل مجتمع فيه من هذه النماذج، وما دامت تكررت في عهود سابقة فهذا لا يمنع من تكرارها في عصرنا الحالي،
وتحدث عن فضل سورة غافر التي بدأها الله باسم السورة وبقوله تعالى «غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب»، مبينا ان اسم غافر نسبة لهذه البداية، أما الاسم الثاني فهو المؤمن، لقوله تعالى «مؤمن من آل فرعون» لذلك هي جديرة بهذا الاسم، وان هذه الشخصية عني بها القرآن وبذكرها واهميتها، وحرص على ذكر المحمود والمذموم، ومنها المرضي عند الله ومن هذه النماذج الحية نموذج مؤمن من آل فرعون، وأضاف ان هذا النموذج مثله في سورة الكهف لقوله تعالى «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى»، ومؤمن في سورة «يس» مؤكدا ان هذه النماذج ليست للمتعة انما ليتأسى بها المسلمون في كل وقت، وحتى لا يظن الناس انها مستحيلة الوقوع، فهي واقعة في التاريخ القديم، وغير مستبعد ان تحدث في التاريخ المعاصر.
وأشار إلى قصة رجل كاسر من آل موسى، وهو قارون الرجل الطاغية والجبار، وقد اهلكه الله‚ وخسف به الأرض، حتى ان الله عز وجل ذكره مع فرعون وهامان، لقوله تعالى «ولقد ارسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب»، وأوضح تفسير هذه الأثير‚ فقال د‚ القرضاوي: ان فرعون ممثل السلطة السياسية المتألهة في الأرض لقوله تعالى «أنا ربكم الأعلى ما علمت لكم من إله غيري»، وقد وجد من يصدقه واطاعه قومه، أما قارون فهو يمثل السلطة المالية والاقتصادية الكانزة لمال الله، لقوله تعالى «إنما أوتيته على علم عندي» وهامان هو الواسطة بين السلطة السياسية والاقتصادية، وهي الشخصية الانتهازية التي تخدم الفرعونية والقارونية وهو اداة لهما،واضاف انه مع هذا الأمر ظهر مؤمن في آل فرعون، وحتى زوجته كانت مؤمنة لقوله تعالى «ربي ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين»، وبالفعل هيأ لها الله ان تكون حماية لموسى من بطشه وقتله وقالت: لا تقتلوه عسى ان ينفعنا أو نتخذه ولدا، فالهداية من الله فقد يكون الاب كافرا والابن مؤمنا مثل ابراهيم ووالده، أو الزوج كافر وزوجته مؤمنة مثل فرعون وزوجته، ووصف الهداية بأنها منحة سماوية من الله عز وجل لخلقه‚ لقوله تعالى «إنك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء»، وقوله تعالى في حديث فرعون «ذروني اقتل موسى وليدع ربه اني اخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد».
وعرج فضيلته إلى كتمان الايمان والدفاع عنه لمصلحة تقتضي ذلك‚ فقال: ان المؤمن قد يجد في كتمان الايمان مناعة، واذا كان لمصلحة تقتضي ذلك حتى في العقيدة مستشهدا بسيدنا يعقوب في قوله تعالى «يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا» فالايمان يكتم عند اللزوم، ويظهر في الضرورة، وقوله تعالى «اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم»، وأكد ان قوله تعالى «ربي الله» هي خلاصة الهداية، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «قل آمنت بالله قل ربي الله ثم استقم»، وحذر من الارباب الزائفة التي يتخذها البعض في الحجر والبشر والاهواء والشجر، لقوله تعالى «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا».
وبين ان منطق الطغاة والمستكبرين عن عبادته هو تبديل الخير والحق والهدى بالفساد، وكان الله يذكرهم دوما بالاقوام السابقين مثل عاد وثمود ونوح لقوله تعالى «واخذهم الله، اخذ عزيز مقتدر»، وكان يفزعهم من المستقبل لقوله تعالى «إني اخاف عليكم يوم التناد»، وحث فضيلة العلامة القرضاوي المصلين في ختام درس التراويح على تطبيق الوعظ والدعوة، وان الدنيا متاع والآخرة هي دار القرار، مبينا ان الدعوة هي اخذهم بالرفق الحكمة، كما جاء ذلك في قوله تعالى «يا قوم» ولقوله تعالى «ان الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب».
المصدر جريدة الوطن القطرية
جنين القسام
تعليق